rồ7 5ƠRдFϊa
المستشار
دعاء الأكلبي الأخير: يارب عبدناك في الرخاء فانقذنا في الشدة
الشهيد الأكلبي "يمين" ممسكاً بالمضخة خلال مشاركته في تجهيز آليات الدفاع المدني ببيشة
بيشة: علي آل بخيتان
"يارب عبدناك في الرخا، فأنقذنا في الشدة"هكذا دعا الشهيد وكيل رقيب هذال مظف الأكلبي دعوته الأخيرة، والمياه الجارفة تغطي جسده الذي أفناه في إنقاذ الأرواح خدمة لدينه ووفاء لوطنه.
الشهيد الأكلبي من منسوبي الدفاع المدني الذي توفي غرقًا كان مبتغاه إنقاذ المحتجزين في سيول بيشة إثر الأمطار التي هطلت مؤخرًا على المحافظة.
ويقول رفاق الأكلبي (33 عاماً) الذي شيعت محافظة بيشة جثمانه، إنه كان يردد دوماً هذا الدعاء، ويرفع صوته فيه أثناء الشدائد، حتى حفظوه عنه، موضحين أنه قضى في عمله لدى الدفاع المدني 15 عاماً راقبوا فيها رجلاً مقداماً يسعى لإنقاذ الآخرين من جهة، وحماية زملائه في نفس الوقت.
وعن قصة استشهاده، يقول زاهر محمد الحارثي أحد الناجين من حادثة الاحتجاز التي راح ضحيتها الشهيد الأكلبي: كنت متجهاً لمنزلي عقب صلاة المغرب برفقة أحد زملائي وأثناء مرورنا من فوق جسر الوادي رأينا سيارة الدفاع المدني متجهةً للوادي فلحقنا بها.
وأضاف زاهر: دخلت سيارة الإنقاذ في السيل حينها كان بجواري طفل يجهش بالبكاء ويردد "أمي وأخواتي خلف السيل"، فدخلت السيل من ناحية الوادي الجنوبية وكان السيل خفيفا فلما وصلت الناحية الأخرى، والتقيت الشهيد - رحمه الله - وطلب مني الحبال فربطتها على خصري وحاولت الدخول.
وقال زاهر: رفض الشهيد أن أدخل لوحدي وأخذ الحبل مني وربطه على خصره ودخلت معه، وحاولنا الدخول من مكان مرتفع في الوادي فتعثرت وأمسك بي، وبقينا ممسكين ببعضنا فانفك الحبل منه وعاد وربطه بشكل أقوى.
ثم نزل الشهيد في الماء وتعثر لوجود جرف في السيل لا يمكن مشاهدته، فسحبته فعاد مرة أخرى، وكان يسير بشجاعة وإصرار للوصول للمحتجرين إلا أن المياه كانت تجرفه في مكان نازل، فاتجه للشجرة ليربط الحبل فيها إلا أنه بعد ربطه للحبل كان السيل يزيد ويتدفق بقوة، فالتف الحبل على الشجرة فبدأ يصرخ "الحبل الحبل"، ويطالبنا بسحب الحبل، ثم طالبنا بفكه لأن السيل يشده بقوة. وأوضح زاهر قائلا: كنت الأقرب له فاتجهت له في الشجرة، فتعثرت في نفس المكان الذي تعثر فيه، ورغم أنه كان يحتاج المساعدة إلا أنه كان يطلب مني - رحمه الله - ألا اتجه له ويقول: "السيل قوي لا تجيني، لا تجيني" لكنني صارعت المياه واتجهت له حتى وصلت الشجرة لنقطع الحبل.
سألته: هل معك سكين؟ فقال لي: لا، قلت له: حاول أن تفك الحبل، لكنه لم يستطع فالحبل كان قوياً ومشدوداً على الشجرة، وبدأ الشهيد يكسر أعواد الشجرة حتى اقتربت منه، وأمسكت به لكنني لم أستطع سحبه فقد كان منخفضاً في الماء، ولم يستطع التحرك من قوة السيل، فحاولت الوصول للحبل لكني لم أجده لأنه دخل من تحت جذور الشجرة وبدأ الطين يطمره، فاستطعت في المرة الأولى رفع الشهيد لكن لم أستطع في المرة الثانية ليفارق الحياة بعدها".
وعمّا دار بينهما من حديث في هذه اللحظات يقول زاهر: أول ما وصلت له في الشجرة كان وقت صلاة العشاء فأقام الشهيد الصلاة، فقلت له: خلنا نصلي ونطلب ربنا النجاة فصلى - رحمه الله - العشاء، وكان يردد: "يا رب عبدناك في الرخا فأنقذنا في الشدة، يا رب لا تيتم عيالي، يارب لا تيتم عيالي، ادعي لي يا أمي ادعي لي".
أما عبدالله سعيد الأكلبي فيقول وهو أيضاً أحد الناجين من نفس الحادثة: وردني اتصال بأن إحدى أفراد عائلتي محتجزة بالسيل عقب أن كانت برفقة أربع نساء يشاهدن منظر السيل، فتوجهت مباشرة للوادي، ووصلت فرقة الدفاع المدني، ودخلت السيل لإنقاذهن، ودخلتُ ومجموعة من المواطنين مع الفرقة لإنقاذ النساء، وعندما اقتربنا منهم، بدأ السيل في الزيادة، فربطنا الحبال في سيارة الإنقاذ، وتقدمنا الشهيد الأكلبي رحمه الله لإنقاذ النساء بشجاعة وبسالة مصارعاً المياه رغم قوة تياراتها، همه إنقاذ المحتجرين لا شيء غيره.
وبيّن عامر مظف الأكلبي شقيق الشهيد أنه فخور بأخيه هذال وشجاعته، مضيفًا أن هذال لم يمت فهو بيننا بشجاعته وتضحيته ومواقفه الإنسانية مع الجميع.
ويروي لنا عامر لحظة نقله الخبر لوالدة الشهيد فيقول: أتيت لوالدتي عند أذان الفجر لأبلغها باستشهاده وعندما أبلغتها قالت لي: "دريت قد حلمت به البارحة يروح".
وبيّنت أم الشهيد أنها فخورة بابنها وبما قدمه في سبيل الوطن، وإنقاذ الآخرين. وعن تلقيها خبر وفاته قالت: ابني مات شهيدًا، والحمد لله على قضائه وقدره، ورضيت بما كتبه الله. أما مسفر هذال الأكلبي ابن الشهيد فقال: كان أبي هذه الأيام يردد "جعلني ما أموت قبل ما أكمل لكم بيتكم".
ويقول عايض الأكلبي شقيق الشهيد: إننا لنتشرف ونفخر بهذا اللقب، ونرجو أن يسجل اسمه في صفحة الأبطال في هذا البلد المبارك.
وأشار عايض إلى أن الشهيد متزوج وله أربعة أبناء وست بنات، وكان همه إتمام بناء مسكن لهم.
أما زميله سعيد محمد بخان فيقول: كان هذال - رحمه الله - محباً لعمله متفانياً فيه ففي كل حادثة دائماً ما نجده في أول المتقدمين لأداء واجبه الوطني والإنساني، حتى إنه إذا كان في خارج العمل أو في إجازة يتجه فوراً للمساعدة والإنقاذ مع زملائه، وكان دائماً ما يردد "عملنا إنساني، لا بد أن نتفانى فيه".
رحمه الله رحمة واسعه..وجعله شفيعا لأهله..
الــكــ ح ــلآآويه
الــكــ ح ــلآآويه