جـــودي
مشرفة قسم
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا)
أَمَّا بَعد فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُون يَا مَن رَضِيتُم بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا رَسُولًا اِعلَمُوا أَنَّ رِضَاكُم
هَذَا إِسلامٌ وَإِيمَان بِهِ تُغفَرُ ذُنُوبُكُم وَبِهِ تَدخُلُونَ جَنَّةَ رَبِّكُم بَعدَ رِضَاهُ عَنكُم عَن سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ
عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبدُهُ وَرَسُولُه رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ".
وعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَن قَالَ:
رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا وَجَبَت لَهُ الجَنَّة رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُمَا الأَلبَانيُّ.
أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُون إِنَّهُ الرِّضَا بِاللهِ وَبِدِينِهِ وَبِنَبِيِّه رِضًا يَلتَزِمُ فِيهِ المُسلِمُ بِالشَّهَادَتَينِ التِزَامًا كَامِلًا فَيَعبُدُ اللهَ مُخلِصًا لَهُ الدِّين
مُتَّبِعًا لِمَا جَاءَ بِهِ رُسُولُهُ الأَمِين بِذَلِكَ يَكُونُ عَبدًا للهِ حَقًّا وَصِدقًا قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 3] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110] وَقَالَ تَعَالى:
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ
مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54]
وَفي الحَدِيثِ المُخَرَّجِ في الصَّحِيحَينِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنِّيَّات وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى"
وَفيهِمَا أيضًا قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُوني أُصَلِّي وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ وَمَعَهُ المُسلِمُونَ قَالَ لَهُم:
خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم وَفي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ: مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَد أَيْ مَردُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ غَيرُ مَقبُول
هَذَا هُوَ الدِّينُ الَّذِي جَاءَ مِن عِندِ الله وَهَذِهِ هِيَ العِبَادَةُ الَّتي يَقبَلُهَا الله وَهَذَا هُوَ العَمَلُ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ وَيُثِيبُ عَلَيه مَا كَانَ لَهُ تَعَالى خَالِصًا
وَاتُّبِعَ فِيهِ الدَّلِيلُ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّة وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِك فَهُوَ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِه مَردُودٌ عَلَيهِ غَيرُ مَقبُول وَهُوَ عَلَيهِ آثِمٌ وَلَيسَ بِمَأجُورٍ.
نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُون إِنَّ العِبَادَةَ لا تُقبَلُ حَتى تَكُونَ لِوَجهِ اللهِ خَالِصَة سَالِمَةً مِن كُلِّ تَوَجُّهٍ إِلاَّ لَهُ وَحدَه وَحَتى تُوَافِقَ الشَّرع أَي: حَتى تُوَافِقَ
مَا جَاءَ في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ في سِتَّةِ أُمُورٍ: في سَبَبِهَا وَجِنسِهَا وَكَيفِيَّتِهَا وَمِقدَارِهَا وَزَمَانِهَا وَمَكَانِهَا
لا مَجَالَ لِلرَّأيِ في العِبَادَاتِ الَّتي يُبتَغَى بِهَا وَجهُ اللهِ وَرِضَاه بَل لا بُدَّ أَن يَكُونَ مُشَرِّعُهَا هُوَ اللهَ سُبحَانَهُ القَائِل عَزَّ وَجَلَّ:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7] وَالقَائِل سُبحَانَهُ:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: فَعَلَيكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهدِيِّينَ الرَّاشِدِين تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذ وَإِيَّاكُم
وَمُحدَثَاتِ الأُمُور فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُون وَلْنُخلِصِ العَمَلَ لَه وَلْنَتَّبِعْ فِيهِ نَبِيَّنَا وَسَلَفَنَا الصَّالِحِين قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ
مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]
﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ﴾[النساء: 115]
أَلا وَإِنَّ مِنَ الأُمُورِ المُحدَثَةِ الَّتي سَلَّمَ اللهُ مِنهَا هَذِهِ البِلاد لَكِنَّهَا عِندَ بَعضِ المُسلِمِينَ في بِلادٍ أُخرَى وَقَد تَنقُلُهَا وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَالإِعلام
مَا يُسَمَّى بِالاحتِفَالِ بِالمَولِدِ النَّبَوِيِّ في شَهرِ رَبِيعٍ الأَوَّل وَهِيَ بِدعَةٌ مُنكَرَةٌ وَأَمرٌ مُحدَثٌ في الدِّين لم يَأمُرْ بِهِ اللهُ جَلَّ وَعَلا في كِتَابِهِ وَلا نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في سُنَّتِه وَلم يَفعَلْهُ هُوَ وَلا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين وَإِنَّمَا أَحدَثَهُ العُبَيدِيُّونَ الرَّافِضَةُ البَاطِنِيُّون المُسَمَّونَ زُورًا بِالفَاطِمِيِّين وَقَدِ ادَّعَوا أَنَّهُم أَقَامُوا هَذَا الاحتِفَالَ حُبًّا لِرَسُولِ الله وَهَذَا كَذِبٌ وَافتِرَاء فَإِنَّ مَحَبَّتَهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لا تَكُونُ بِمُخَالَفَتِهِ وَابتِدَاعِ مَا لم يَأتِ بِهِ وَيَفعَلْه بَل مَحَبَّتُهُ في تَوقِيرِهِ وَتَعظِيمِهِ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمرِهِ وَالأَخذِ بِهَديِه وَالعَضِّ عَلَى سُنَّتِهِ بِالنَّوَاجِذ وَإِحيَائِهَا بِالقَولِ وَالفِعلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَاجتِنَابِ المُحدَثَاتِ الَّتي حَذَّرَ مِنهَا وَأَخبَرَ أَنَّهَا شَرٌّ وَضَلالَة وَأَنَّهَا في النَّار وَقَد كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَشَدَّ النَّاسِ مَحَبَّةً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَتَعظِيمًا، وَأَحرَصَ عَلَى الخَيرِ مِمَّن جَاءَ بَعدَهُم وَمَعَ هَذَا لم يَصِحَّ عَنهُم أَنَّهُم احتَفَلُوا بِالمَولِدِ وَلا اتَّخَذُوهُ عِيدًا وَلَو كَانَ في إِقَامَتِهِ خَيرٌ وَأَنَّهُ مِن لَوَازِمِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَكَانُوا أَحرَصَ النَّاسِ عَلَيهِ وَأَسبَقَهُم إِلَيهِ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَاتَّبِعُوا وَلا تَبتَدِعُوا وَانصُرُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَعلِنُوا مَحَبَّتَهُ الحَقِيقِيَّةَ بالسَّيرِ عَلَى هَديِهِ في أَقوَالِكُم وَأَفعَالِكُم وعِبَادَتِكُم وَفي سَائِرِ أُمُورِ حَيَاتِكُم وَكَبِيرِ شُؤُونِكُم وَصَغِيرِهَا ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31] ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]
أَمَّا بَعد فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُون يَا مَن رَضِيتُم بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا رَسُولًا اِعلَمُوا أَنَّ رِضَاكُم
هَذَا إِسلامٌ وَإِيمَان بِهِ تُغفَرُ ذُنُوبُكُم وَبِهِ تَدخُلُونَ جَنَّةَ رَبِّكُم بَعدَ رِضَاهُ عَنكُم عَن سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ
عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبدُهُ وَرَسُولُه رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ".
وعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَن قَالَ:
رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا وَجَبَت لَهُ الجَنَّة رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُمَا الأَلبَانيُّ.
أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُون إِنَّهُ الرِّضَا بِاللهِ وَبِدِينِهِ وَبِنَبِيِّه رِضًا يَلتَزِمُ فِيهِ المُسلِمُ بِالشَّهَادَتَينِ التِزَامًا كَامِلًا فَيَعبُدُ اللهَ مُخلِصًا لَهُ الدِّين
مُتَّبِعًا لِمَا جَاءَ بِهِ رُسُولُهُ الأَمِين بِذَلِكَ يَكُونُ عَبدًا للهِ حَقًّا وَصِدقًا قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 3] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110] وَقَالَ تَعَالى:
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ
مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54]
وَفي الحَدِيثِ المُخَرَّجِ في الصَّحِيحَينِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنِّيَّات وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى"
وَفيهِمَا أيضًا قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُوني أُصَلِّي وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ وَمَعَهُ المُسلِمُونَ قَالَ لَهُم:
خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم وَفي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ: مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَد أَيْ مَردُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ غَيرُ مَقبُول
هَذَا هُوَ الدِّينُ الَّذِي جَاءَ مِن عِندِ الله وَهَذِهِ هِيَ العِبَادَةُ الَّتي يَقبَلُهَا الله وَهَذَا هُوَ العَمَلُ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ وَيُثِيبُ عَلَيه مَا كَانَ لَهُ تَعَالى خَالِصًا
وَاتُّبِعَ فِيهِ الدَّلِيلُ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّة وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِك فَهُوَ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِه مَردُودٌ عَلَيهِ غَيرُ مَقبُول وَهُوَ عَلَيهِ آثِمٌ وَلَيسَ بِمَأجُورٍ.
نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُون إِنَّ العِبَادَةَ لا تُقبَلُ حَتى تَكُونَ لِوَجهِ اللهِ خَالِصَة سَالِمَةً مِن كُلِّ تَوَجُّهٍ إِلاَّ لَهُ وَحدَه وَحَتى تُوَافِقَ الشَّرع أَي: حَتى تُوَافِقَ
مَا جَاءَ في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ في سِتَّةِ أُمُورٍ: في سَبَبِهَا وَجِنسِهَا وَكَيفِيَّتِهَا وَمِقدَارِهَا وَزَمَانِهَا وَمَكَانِهَا
لا مَجَالَ لِلرَّأيِ في العِبَادَاتِ الَّتي يُبتَغَى بِهَا وَجهُ اللهِ وَرِضَاه بَل لا بُدَّ أَن يَكُونَ مُشَرِّعُهَا هُوَ اللهَ سُبحَانَهُ القَائِل عَزَّ وَجَلَّ:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7] وَالقَائِل سُبحَانَهُ:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: فَعَلَيكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهدِيِّينَ الرَّاشِدِين تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذ وَإِيَّاكُم
وَمُحدَثَاتِ الأُمُور فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُون وَلْنُخلِصِ العَمَلَ لَه وَلْنَتَّبِعْ فِيهِ نَبِيَّنَا وَسَلَفَنَا الصَّالِحِين قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ
مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعد فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوه وَكُونُوا عَلَى سُنَّةِ الحَبِيبِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام وَلا تُخَالِفُوهُ وَلا تُشَاقُّوه فَقَد قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا:﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ﴾[النساء: 115]
أَلا وَإِنَّ مِنَ الأُمُورِ المُحدَثَةِ الَّتي سَلَّمَ اللهُ مِنهَا هَذِهِ البِلاد لَكِنَّهَا عِندَ بَعضِ المُسلِمِينَ في بِلادٍ أُخرَى وَقَد تَنقُلُهَا وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَالإِعلام
مَا يُسَمَّى بِالاحتِفَالِ بِالمَولِدِ النَّبَوِيِّ في شَهرِ رَبِيعٍ الأَوَّل وَهِيَ بِدعَةٌ مُنكَرَةٌ وَأَمرٌ مُحدَثٌ في الدِّين لم يَأمُرْ بِهِ اللهُ جَلَّ وَعَلا في كِتَابِهِ وَلا نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في سُنَّتِه وَلم يَفعَلْهُ هُوَ وَلا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين وَإِنَّمَا أَحدَثَهُ العُبَيدِيُّونَ الرَّافِضَةُ البَاطِنِيُّون المُسَمَّونَ زُورًا بِالفَاطِمِيِّين وَقَدِ ادَّعَوا أَنَّهُم أَقَامُوا هَذَا الاحتِفَالَ حُبًّا لِرَسُولِ الله وَهَذَا كَذِبٌ وَافتِرَاء فَإِنَّ مَحَبَّتَهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لا تَكُونُ بِمُخَالَفَتِهِ وَابتِدَاعِ مَا لم يَأتِ بِهِ وَيَفعَلْه بَل مَحَبَّتُهُ في تَوقِيرِهِ وَتَعظِيمِهِ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمرِهِ وَالأَخذِ بِهَديِه وَالعَضِّ عَلَى سُنَّتِهِ بِالنَّوَاجِذ وَإِحيَائِهَا بِالقَولِ وَالفِعلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَاجتِنَابِ المُحدَثَاتِ الَّتي حَذَّرَ مِنهَا وَأَخبَرَ أَنَّهَا شَرٌّ وَضَلالَة وَأَنَّهَا في النَّار وَقَد كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَشَدَّ النَّاسِ مَحَبَّةً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَتَعظِيمًا، وَأَحرَصَ عَلَى الخَيرِ مِمَّن جَاءَ بَعدَهُم وَمَعَ هَذَا لم يَصِحَّ عَنهُم أَنَّهُم احتَفَلُوا بِالمَولِدِ وَلا اتَّخَذُوهُ عِيدًا وَلَو كَانَ في إِقَامَتِهِ خَيرٌ وَأَنَّهُ مِن لَوَازِمِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَكَانُوا أَحرَصَ النَّاسِ عَلَيهِ وَأَسبَقَهُم إِلَيهِ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَاتَّبِعُوا وَلا تَبتَدِعُوا وَانصُرُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَعلِنُوا مَحَبَّتَهُ الحَقِيقِيَّةَ بالسَّيرِ عَلَى هَديِهِ في أَقوَالِكُم وَأَفعَالِكُم وعِبَادَتِكُم وَفي سَائِرِ أُمُورِ حَيَاتِكُم وَكَبِيرِ شُؤُونِكُم وَصَغِيرِهَا ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31] ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]