هَـدُوءْ ~
مراقبة عام
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[FONT="]لليلة السابعة والعشرون[/FONT]
[FONT="]في الليلة التالية، وشهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة سندباد.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن سندباد الحمَّال عاد إلى المنزل في اليوم التالي. ومرة أخرى، فُتحت البوابات، ووجد أناسًا يأكلون ويرقصون داخل المنزل الجميل. استقبله سندباد البحار بالترحاب، وطلب منه الجلوس، وأعطاه الطعام والشراب، ثم تابع البحار رواية مغامراته والأهوال العديدة التي واجهته.
•••
بالرغم من قولي إنني لن أغادر موطني ثانية أبدًا، خرجت للمرة الخامسة في رحلة بحرية على متن سفينة ضخمة مليئة بالبضائع للمتاجرة فيها.
وبعد الإبحار بضعة أيام، رأيت أنا وطاقمي قبة ضخمة بيضاء اللون على جزيرة، فأبحرنا نحوها ورسونا بجانب الشاطئ. كانت بيضة، كسرناها بالحجارة لنفتحها ونرى ما بداخلها. وما إن فتحناها حتى أظلمت السماء. فقد حلق طائر ضخم فوقنا، وحجبت أجنحته الكبيرة ضوء الشمس عنا. وأدركنا أنها بالتأكيد الأم، لذلك أسرعنا عائدين إلى السفينة، وانطلقنا في البحر. لكن الأم ألقت صخورًا عملاقة علينا، وهشمت سفينتنا. فأمسكت بلوح من الخشب جيدًا، وقذفتني المياه إلى شاطئ جزيرة جميلة.
استكشفت الجزيرة آملًا في العثور على بعض الطعام، وعندها صادفت رجلًا عجوزًا جالسًا بجانب جدول مائي. طلب مني أن أحمله وأعبر به إلى الجانب الآخر، ووافقت على فعل ذلك. فصعد على كتفي وثبت ساقيه حول عنقي. وتمسك بي جيدًا حتى كدت أختنق، ولم أستطع إبعاده عني.
أجبرني الرجل العجوز على حمله في أرجاء الجزيرة طوال الليل والنهار، ونادرًا ما كنت أستريح. وفي أحد الأيام، عثرنا على بعض العنب، الأمر الذي أسعد الرجل العجوز للغاية. أخبرته أن بإمكاني تحويل العنب إلى شراب له، وابتهج لهذه الفكرة.
عندما أصبح الخليط جاهزًا، شربه الرجل العجوز وكأنه ماء. وابتهج كثيرًا وسرعان ما راح في النوم. فهربت منه بسهولة، وتوجهت نحو الشاطئ. التقطتني إحدى السفن المارة، وأخبرت البحارة بقصتي، واندهشوا عند سماعهم لها. وأخبروني أن الرجل العجوز الذي قابلته هو «رجل البحار العجوز»، وأن أحدًا لم يتمكن من الفرار منه من قبل.
أبحرنا إلى جزيرة غنية بالتوابل. وتمكنت من شراء عدد كبير من السلع هناك، وعدت إلى موطني، وبعت التوابل مقابل الكثير من المال.
•••
اندهش سندباد الحمَّال من هذه القصة، وشكر مضيفه، وتأهب للرحيل. ودعاه سندباد البحار للعودة في اليوم التالي، والانضمام إليه على العشاء مرة أخرى.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.» [/FONT]
[FONT="]الليلة الثامنة والعشرون[/FONT]
[FONT="]في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «اروي لنا بقية قصة سندباد.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن الحمَّال عاد إلى المنزل في اليوم التالي. ومرة أخرى، فُتحت البوابات، ووجد أناسًا يأكلون ويرقصون داخل المنزل الجميل. استقبله سندباد البحار بالترحاب، وطلب منه الجلوس، وأعطاه الطعام والشراب، ثم تابع رواية مغامراته والأهوال العديدة التي واجهها.
•••
بعد فترة قصيرة، أردت السفر مرة أخرى، فابتعت بضائع، وانضممت إلى مجموعة من التجار كانوا يعدون للخروج في رحلة بحرية. لكن تحطمت سفينتنا على إحدى الجزر، ولم ينج منا سوى عدد قليل.
صعدنا الأجراف الشاهقة في الجزيرة، وكدنا نفقد عقولنا لما رأيناه هناك. فالمجاري المائية بالجزيرة مليئة بالمجوهرات، وأشجارها مصنوعة من الزمرد واليشم. أبهرتنا الثروات الخلابة، لكن لم يكن هناك ما نأكله أو نشربه. مرت الأسابيع، ولم يبق أحد على قيد الحياة سواي. ملأني الحزن، وحفرت قبري بالقرب من البحر، وتأهبت للرقود فيه وترك الرياح تعصف بالرمال فوقي.
في تلك اللحظة، رأيت بعض ألواح الخشب التي قذفتها المياه من سفينتنا على الشاطئ. فاستخدمت هذا الخشب لبناء طوف ملأته بالمجوهرات. وجدفت على هذا الطوف في الماء، لكن بلغني من الجوع والتعب ما أفقدني وعيي. وعندما أفقت، كان الطوف مربوطًا إلى إحدى الجزر، ونظرت لأعلى فرأيت قومًا من الرجال يقفون حولي. أعطوني الطعام والشراب، وأخبرتهم عن مغامراتي. وبعد ذلك، اصطحبوني إلى ملكهم.
قدمت للملك بعض المجوهرات التي جمعتها، وكررت رواية قصتي له عن الأرض التي جئت منها. وأعد الملك، الذي اندهش للغاية، سفينة مليئة بالتجار للإبحار في ذلك الاتجاه للتجارة. وسُمح لي بالإبحار معهم، وبذلك تمكنت من الوصول إلى موطني ثانية. وكان لا يزال معي الكثير من المجوهرات، فعدت أغنى بكثير من أي وقت مضى.
•••
تعجب سندباد الحمَّال من هذه القصة، وشكر مضيفه، وتأهب للرحيل. فدعاه سندباد البحار للعودة في اليوم التالي، والانضمام إليه على العشاء مرة أخرى.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا، إذا تركني الملك على قيد الحياة.» [/FONT]
[FONT="]الليلة التاسعة والعشرون[/FONT]
[FONT="]في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا المزيد من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة سندباد.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن الحمَّال عاد إلى المنزل في اليوم التالي. ومرة أخرى، فُتحت البوابات، ووجد أناسًا يأكلون ويرقصون داخل المنزل الجميل. استقبله سندباد البحار بالترحاب، وطلب منه الجلوس، وأعطاه الطعام والشراب، ثم تابع رواية مغامراته والأهوال العديدة التي واجهها.
•••
بعد رحلتي الأخيرة، قطعت عهدًا على نفسي ألا أترك أرض الوطن ثانية أبدًا. لكن رغبتي في الترحال كانت ملحة للغاية، فخرجت في رحلة بحرية أخيرة، بعد أن ملأت سفينتي بالبضائع المختلفة. وضربت عاصفة سفينتنا في بداية الرحلة تقريبًا، وقذفت بنا إلى أقاصي الأرض في مكان يُعرف باسم أرض الملوك.
سمعنا عن هذه الأرض من قبل، وعلمنا أن بها أفاعي بحرية ضخمة. وبلغنا أيضًا أنه عند مرور أي سفينة بها، تبرز أفعى عملاقة من المحيط، وتبتلع السفينة بأكملها.
وفي الوقت الذي كنا نروي فيه قصصًا عن هذه الكائنات المرعبة، رأى أحد رجال طاقمنا أفعى ضخمة كالجبل تخرج من الماء، وتتجه نحونا. ورأينا بعد ذلك أفعى ثانية وثالثة تخرج من الماء. ولخوفنا على حياتنا، جثونا على ركبنا وصلينا لله طالبين منه النجاة. فقامت عاصفة عاتية قذفت بسفينتنا على صخرة ضخمة. تحطمت السفينة، وأُلقي بنا جميعًا في البحر.
تمكنت من السباحة إلى جزيرة قريبة. وبعد نيل قسط من الراحة، رأيت جدولًا يجري بسفح جبل ضخم. فصنعت طوفًا صغيرًا من بعض الأفرع التي عثرت عليها، وارتحلت عبر هذا الجدول. وبعد وقت قصير، سمعت صوت اندفاع مياه. وقبل أن أدري، اندفعت هابطًا أحد شلالات المياه الكبيرة.
كنت على يقين أنني سأموت، فكنت أطير عبر الهواء ورذاذ الماء. لكنني لم أمت، فالصيادون الصالحون الذين كانوا يعيشون في هذه الأرض ألقوا شباكهم في الماء، وأنقذوني. وكان من بين هؤلاء الصيادين رجل عجوز اصطحبني معه إلى منزله.
بقيت هناك شهورًا عديدة. عاملني فيها الناس جيدًا، وأعطوني الطعام والشراب. لكن الناس كانوا يتحولون مرة كل شهر على نحو شديد الغرابة. كانت وجوههم تتغير، وتنمو لهم أجنحة. فيتحولون إلى طيور، ويحلقون بعيدًا.
وفي أحد الشهور، بعد أن ظهرت الأجنحة لدى الناس، وكانوا يستعدن للطيران بعيدًا، رجوت أحدهم أن يحملني معه. وحلقت عاليًا للغاية في السماء.
توهج بعد ذلك برق شديد، وألقى بي المخلوق على قمة أحد الجبال. وحضر شابان، وأخبراني أنهما رسولا خير، وقاداني إلى أسفل الجبل. كما أخبراني أنني كنت في خطر عظيم، حيث إن الرجال المتحولين إلى طيور هم رسل شر. وقادني الشابان إلى الشاطئ، حيث كانت هناك مجموعة من البحارة يعدون لرحلة بحرية. سافرت معهم، ووصلت أخيرًا إلى الوطن. رحب بي أصدقائي، وسعدت للغاية بعودتي إلى موطني. وأقسمت بالله ألا أسافر في رحلات بحرية ثانيةً أبدًا.
•••
قال سندباد البحار: «لقد علمت الآن كل ما عانيته قبل أن أتمتع بالثروات التي تراها هنا.»
فأجاب سندباد الحمَّال قائلًا: «أستميحك عذرًا لشعوري بالحسد تجاهك.»
وبعد ذلك، لم يشكُ الحمَّال حاله في الدنيا ثانيةً أبدًا. فكان يفكر في صعوبة ما تكبده التاجر ليجني ثرواته، وكل الشقاء الذي تجنبه هو. وعاش السندبادان معًا تربطهما علاقة صداقة حتى لقيا ربهما.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.» [/FONT]
[FONT="]لليلة السابعة والعشرون[/FONT]
[FONT="]في الليلة التالية، وشهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة سندباد.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن سندباد الحمَّال عاد إلى المنزل في اليوم التالي. ومرة أخرى، فُتحت البوابات، ووجد أناسًا يأكلون ويرقصون داخل المنزل الجميل. استقبله سندباد البحار بالترحاب، وطلب منه الجلوس، وأعطاه الطعام والشراب، ثم تابع البحار رواية مغامراته والأهوال العديدة التي واجهته.
•••
بالرغم من قولي إنني لن أغادر موطني ثانية أبدًا، خرجت للمرة الخامسة في رحلة بحرية على متن سفينة ضخمة مليئة بالبضائع للمتاجرة فيها.
وبعد الإبحار بضعة أيام، رأيت أنا وطاقمي قبة ضخمة بيضاء اللون على جزيرة، فأبحرنا نحوها ورسونا بجانب الشاطئ. كانت بيضة، كسرناها بالحجارة لنفتحها ونرى ما بداخلها. وما إن فتحناها حتى أظلمت السماء. فقد حلق طائر ضخم فوقنا، وحجبت أجنحته الكبيرة ضوء الشمس عنا. وأدركنا أنها بالتأكيد الأم، لذلك أسرعنا عائدين إلى السفينة، وانطلقنا في البحر. لكن الأم ألقت صخورًا عملاقة علينا، وهشمت سفينتنا. فأمسكت بلوح من الخشب جيدًا، وقذفتني المياه إلى شاطئ جزيرة جميلة.
استكشفت الجزيرة آملًا في العثور على بعض الطعام، وعندها صادفت رجلًا عجوزًا جالسًا بجانب جدول مائي. طلب مني أن أحمله وأعبر به إلى الجانب الآخر، ووافقت على فعل ذلك. فصعد على كتفي وثبت ساقيه حول عنقي. وتمسك بي جيدًا حتى كدت أختنق، ولم أستطع إبعاده عني.
أجبرني الرجل العجوز على حمله في أرجاء الجزيرة طوال الليل والنهار، ونادرًا ما كنت أستريح. وفي أحد الأيام، عثرنا على بعض العنب، الأمر الذي أسعد الرجل العجوز للغاية. أخبرته أن بإمكاني تحويل العنب إلى شراب له، وابتهج لهذه الفكرة.
عندما أصبح الخليط جاهزًا، شربه الرجل العجوز وكأنه ماء. وابتهج كثيرًا وسرعان ما راح في النوم. فهربت منه بسهولة، وتوجهت نحو الشاطئ. التقطتني إحدى السفن المارة، وأخبرت البحارة بقصتي، واندهشوا عند سماعهم لها. وأخبروني أن الرجل العجوز الذي قابلته هو «رجل البحار العجوز»، وأن أحدًا لم يتمكن من الفرار منه من قبل.
أبحرنا إلى جزيرة غنية بالتوابل. وتمكنت من شراء عدد كبير من السلع هناك، وعدت إلى موطني، وبعت التوابل مقابل الكثير من المال.
•••
اندهش سندباد الحمَّال من هذه القصة، وشكر مضيفه، وتأهب للرحيل. ودعاه سندباد البحار للعودة في اليوم التالي، والانضمام إليه على العشاء مرة أخرى.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.» [/FONT]
[FONT="]الليلة الثامنة والعشرون[/FONT]
[FONT="]في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «اروي لنا بقية قصة سندباد.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن الحمَّال عاد إلى المنزل في اليوم التالي. ومرة أخرى، فُتحت البوابات، ووجد أناسًا يأكلون ويرقصون داخل المنزل الجميل. استقبله سندباد البحار بالترحاب، وطلب منه الجلوس، وأعطاه الطعام والشراب، ثم تابع رواية مغامراته والأهوال العديدة التي واجهها.
•••
بعد فترة قصيرة، أردت السفر مرة أخرى، فابتعت بضائع، وانضممت إلى مجموعة من التجار كانوا يعدون للخروج في رحلة بحرية. لكن تحطمت سفينتنا على إحدى الجزر، ولم ينج منا سوى عدد قليل.
صعدنا الأجراف الشاهقة في الجزيرة، وكدنا نفقد عقولنا لما رأيناه هناك. فالمجاري المائية بالجزيرة مليئة بالمجوهرات، وأشجارها مصنوعة من الزمرد واليشم. أبهرتنا الثروات الخلابة، لكن لم يكن هناك ما نأكله أو نشربه. مرت الأسابيع، ولم يبق أحد على قيد الحياة سواي. ملأني الحزن، وحفرت قبري بالقرب من البحر، وتأهبت للرقود فيه وترك الرياح تعصف بالرمال فوقي.
في تلك اللحظة، رأيت بعض ألواح الخشب التي قذفتها المياه من سفينتنا على الشاطئ. فاستخدمت هذا الخشب لبناء طوف ملأته بالمجوهرات. وجدفت على هذا الطوف في الماء، لكن بلغني من الجوع والتعب ما أفقدني وعيي. وعندما أفقت، كان الطوف مربوطًا إلى إحدى الجزر، ونظرت لأعلى فرأيت قومًا من الرجال يقفون حولي. أعطوني الطعام والشراب، وأخبرتهم عن مغامراتي. وبعد ذلك، اصطحبوني إلى ملكهم.
قدمت للملك بعض المجوهرات التي جمعتها، وكررت رواية قصتي له عن الأرض التي جئت منها. وأعد الملك، الذي اندهش للغاية، سفينة مليئة بالتجار للإبحار في ذلك الاتجاه للتجارة. وسُمح لي بالإبحار معهم، وبذلك تمكنت من الوصول إلى موطني ثانية. وكان لا يزال معي الكثير من المجوهرات، فعدت أغنى بكثير من أي وقت مضى.
•••
تعجب سندباد الحمَّال من هذه القصة، وشكر مضيفه، وتأهب للرحيل. فدعاه سندباد البحار للعودة في اليوم التالي، والانضمام إليه على العشاء مرة أخرى.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا، إذا تركني الملك على قيد الحياة.» [/FONT]
[FONT="]الليلة التاسعة والعشرون[/FONT]
[FONT="]في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا المزيد من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة سندباد.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن الحمَّال عاد إلى المنزل في اليوم التالي. ومرة أخرى، فُتحت البوابات، ووجد أناسًا يأكلون ويرقصون داخل المنزل الجميل. استقبله سندباد البحار بالترحاب، وطلب منه الجلوس، وأعطاه الطعام والشراب، ثم تابع رواية مغامراته والأهوال العديدة التي واجهها.
•••
بعد رحلتي الأخيرة، قطعت عهدًا على نفسي ألا أترك أرض الوطن ثانية أبدًا. لكن رغبتي في الترحال كانت ملحة للغاية، فخرجت في رحلة بحرية أخيرة، بعد أن ملأت سفينتي بالبضائع المختلفة. وضربت عاصفة سفينتنا في بداية الرحلة تقريبًا، وقذفت بنا إلى أقاصي الأرض في مكان يُعرف باسم أرض الملوك.
سمعنا عن هذه الأرض من قبل، وعلمنا أن بها أفاعي بحرية ضخمة. وبلغنا أيضًا أنه عند مرور أي سفينة بها، تبرز أفعى عملاقة من المحيط، وتبتلع السفينة بأكملها.
وفي الوقت الذي كنا نروي فيه قصصًا عن هذه الكائنات المرعبة، رأى أحد رجال طاقمنا أفعى ضخمة كالجبل تخرج من الماء، وتتجه نحونا. ورأينا بعد ذلك أفعى ثانية وثالثة تخرج من الماء. ولخوفنا على حياتنا، جثونا على ركبنا وصلينا لله طالبين منه النجاة. فقامت عاصفة عاتية قذفت بسفينتنا على صخرة ضخمة. تحطمت السفينة، وأُلقي بنا جميعًا في البحر.
تمكنت من السباحة إلى جزيرة قريبة. وبعد نيل قسط من الراحة، رأيت جدولًا يجري بسفح جبل ضخم. فصنعت طوفًا صغيرًا من بعض الأفرع التي عثرت عليها، وارتحلت عبر هذا الجدول. وبعد وقت قصير، سمعت صوت اندفاع مياه. وقبل أن أدري، اندفعت هابطًا أحد شلالات المياه الكبيرة.
كنت على يقين أنني سأموت، فكنت أطير عبر الهواء ورذاذ الماء. لكنني لم أمت، فالصيادون الصالحون الذين كانوا يعيشون في هذه الأرض ألقوا شباكهم في الماء، وأنقذوني. وكان من بين هؤلاء الصيادين رجل عجوز اصطحبني معه إلى منزله.
بقيت هناك شهورًا عديدة. عاملني فيها الناس جيدًا، وأعطوني الطعام والشراب. لكن الناس كانوا يتحولون مرة كل شهر على نحو شديد الغرابة. كانت وجوههم تتغير، وتنمو لهم أجنحة. فيتحولون إلى طيور، ويحلقون بعيدًا.
وفي أحد الشهور، بعد أن ظهرت الأجنحة لدى الناس، وكانوا يستعدن للطيران بعيدًا، رجوت أحدهم أن يحملني معه. وحلقت عاليًا للغاية في السماء.
توهج بعد ذلك برق شديد، وألقى بي المخلوق على قمة أحد الجبال. وحضر شابان، وأخبراني أنهما رسولا خير، وقاداني إلى أسفل الجبل. كما أخبراني أنني كنت في خطر عظيم، حيث إن الرجال المتحولين إلى طيور هم رسل شر. وقادني الشابان إلى الشاطئ، حيث كانت هناك مجموعة من البحارة يعدون لرحلة بحرية. سافرت معهم، ووصلت أخيرًا إلى الوطن. رحب بي أصدقائي، وسعدت للغاية بعودتي إلى موطني. وأقسمت بالله ألا أسافر في رحلات بحرية ثانيةً أبدًا.
•••
قال سندباد البحار: «لقد علمت الآن كل ما عانيته قبل أن أتمتع بالثروات التي تراها هنا.»
فأجاب سندباد الحمَّال قائلًا: «أستميحك عذرًا لشعوري بالحسد تجاهك.»
وبعد ذلك، لم يشكُ الحمَّال حاله في الدنيا ثانيةً أبدًا. فكان يفكر في صعوبة ما تكبده التاجر ليجني ثرواته، وكل الشقاء الذي تجنبه هو. وعاش السندبادان معًا تربطهما علاقة صداقة حتى لقيا ربهما.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.» [/FONT]
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي