جـــودي
مشرفة قسم
لا بد من إدراك خصوصية هذه الأيام
الأواخر من شهر رمضان،
لينبني عليها سلوك وتصرف كل إنسان
منا فيها .فتوجيه كل تصرف
أو سلوك أو حركة يرتبط بإدراك
سر هذه العشر الأواخر من رمضان .
إن الطالب الذي يذهب ليحصل
المعرفة والعلم أو لينال شهادة
أعلى كالماجستير والدكتوراه،
فهذا الطالب له هدف واضح ؛
ولذلك تجده في كل جزئية
من جزئيات حياته مرتبطًا بهذا الهدف،
وبناء على هذا فإذا أراد أن
يكون له صديق، فسيبحث عن الصديق
الذي يتقن الفن أو العلم الذي يتخصص فيه ..
وإذا أراد أن يقرأ في بعض المؤلفات،
فستجده يقتني القريب منها من تخصصه،
إذن كل تصرفاته ستكون موجّهة
إلى جمع كل معلومة تمكّنه من الوصول
لتحقيق هدفه .
وإذا كنا بصدد العشر الأواخر من رمضان ،
والتي بينها ليلة القدر (ليلة النور) ،
فعلينا الانشغال بكل ما يُمَكِّنا
من استثمار هذه العشر خير استثمار،
علينا أن ننتج أعمارًا لنا وفيرة
لن نعيشها على الحقيقة،
فهو زمان شريف مُصْطَفى
على سائر الأزمنة،
وهي ليلة مباركة من خلال تحريها
نصنع لنا أعمارًا إنتاجية حقيقية،
فعلينا اغتنام هذه الليالي العشر
وعدم المرور عليها مرور الكرام،
بل لا بد وأن تتشكل عقلية كل مسلم
منا بفهم دقائق وأسرار هذه الليالي،
ومن ثم التعرض لها بالإقبال
على الله عز وجل ،
فكل نافلة بعد عشاء وقبل نوم يصح
بها قيام ليل هذه العشر،
فهناك الصلاة بالليل،
وهناك قراءة القرآن مع حسن تدبر،
وهناك ذكر الله مع روعة مناجاته بالدعاء،
وهناك مدارسة العلم والاطلاع
على سيرة خير الخلق لإسقاطها
على واقعنا وترجمة أقواله
وأفعاله المشرفة إلى واقع عملي في حياتنا،
وهكذا ... فعلي أى حال تستطيع
أن تقيم ليل هذه العشر بكل طاعة
وعبادة بعد عشاء مع حسن
مناجاتك لله عز وجل .
ولنستحضر قوله صلى الله عليه وسلم :
(مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ،
وقول عَائِشَةَ للنبي صلى الله عليه وسلم :
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إنْ عَلِمْتُ
أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟
قَالَ:
« قُولِي اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي »