جبرني الوقت
عضو جديد
لم أع ِ شيئاً في الحياة أكثر من كونها قطار نتنقل عبره .. تصادفنا أوجه كثيرة وناس كـُثر ..
لا نكاد نستقر في مكان حتى نحزم أمتعتنا ذاهبين إلى مكان ٍ آخر وبلدة أخرى ..
في بداية عهدي بالحياة .. كان يضيق صدري كلما رأيتُ أمي توضب الأمتعة في الحقائب ..
فهذا يعني ( رحيل ) .. ومكان جديد لا أعرفه ..
فهذا يعني ( رحيل ) .. ومكان جديد لا أعرفه ..
و( تأفف ) أطلقه في الهواء بضجر ، ولا أجني منه سوى سماعي لجملة أمي التي حفظتها " هذا عمل والدك يا عزيزتي "
حتى ألِفتُ هذه الحال ..
مكان قديم نرحل عنه ، ونحط في مكان آخر جديد ..
نتعرف على أناس جدد .. ثم نرحل عنهم ..
وهكذا ، ارتسمت لي دورة الحياة ..
لذلك .. كنت أضع حاجزاً بيني وبين زميلات الدراسة .. ولم تتوطد علاقتي بأي منهن ..
بسبب ناقوس يدق في قلبي .. يذكرني بأن ( لا لقاء إلا ويعقبه الفراق )
بسبب ناقوس يدق في قلبي .. يذكرني بأن ( لا لقاء إلا ويعقبه الفراق )
وعلى الرغم من ذلك لم يتورعن عن ذرف الدموع لحظة وداعي ..
وأنا أقف صامتة متعجبة ،، كالأرجوزة .. لا أذرف دمعاً ولا أنبس بحرف واحد !
وأنا أقف صامتة متعجبة ،، كالأرجوزة .. لا أذرف دمعاً ولا أنبس بحرف واحد !
كم حاولت عصر عينيّ مراراً وتكراراً لأجل مجاراتهن طقوس بكائهن ..
إلا أنني لم أقدر !!
إلا أنني لم أقدر !!
ولم أكن أدري كنه مشاعري آنذاك .. هل أنا حزينة أم سعيدة !!
كل الذي تعلمته ورسمته قاعدة لي .. هو أن لا أتعلق بشخص ٍ ما لأنني سأفارقه ..
في حياتي .. لم أصحب سوى والديّ وشقيقي الذي يصغرني بسنتين ..
وكتب الدراسة وحاسبي ..
وكتب الدراسة وحاسبي ..
حتى أتيت أنت !!
ولا أدري من أي مكان أتيت وكيف ذلك ..
كل ما عرفته عنك هو ( اسمك ) وأنك ( ابن عمي ) ..
تشاورني أمي ويسألني أبي وأنا مذهولة فاغرة فاهي ..
لا أدري ما أفعل .. هل أستشير نفسي أم أستشير نفسي !!
< لا خيار آخر ..! >
حتى قالت لي أمي .. ( تخرجتِ العام الماضي من الثانوية بصعوبة بالغة ، ولا أظن أن حياة التنقل ستعينك على مواصلة تعليمك الجامعي ..
وهذا ابن عمك وهو أقرب الناس إليك .. رجل كفء وعلى دين وخلق .. سيستقر بضع سنوات في بريطانيا لإكمال الماجستير ، وباستطاعتك الدراسة هناك .. وأنتِ أولى من الغريب )
وهذا ابن عمك وهو أقرب الناس إليك .. رجل كفء وعلى دين وخلق .. سيستقر بضع سنوات في بريطانيا لإكمال الماجستير ، وباستطاعتك الدراسة هناك .. وأنتِ أولى من الغريب )
صمَتّ ! أُلجم لساني ! وكأن أمي تود أن تتم هذه الزيجة بأسرع وقت ممكن ..
كـ فتاة في عمري ؛ حلمتُ بالزواج والاستقرار .. إلا أنني كنت أطرد هذا الهاجس كلما غزا قلبي .. ولا أدري لم !!
حتى جاء اليوم الموعود .. وأنا لا زلتُ بين مكذبة ومصدقة !! لم أتصور أن يتم كل شيء بهذه السرعة ...!!
فستان أبيض .. وجهٌ لأول مرة تـُرسم فيه الأصباغ بهذه الطريقة ..
أنظر إلى نفسي في المرآة وأصمت ..!
أنظر إلى نفسي في المرآة وأصمت ..!
هل كنتُ سعيدة أم متعجبة !! لا أدري !
كان حفل الزفاف في بلدنا ( بلدي الذي تغرّبت عنه ) ..
لم أميّز المدعوين .. بدوا لي غرباء .. غرباء جداً ..
لم أميّز المدعوين .. بدوا لي غرباء .. غرباء جداً ..
وأنا كذلك .. شعرتُ بغربتي بينهم ..
لم أميّز بين الوجوه سوى وجه أمي ، وأمك .. وأنت !!
عندما رأيتني قرأتُ ذهولك في عينيك .. وهمستَ لي " لم أكن أعلم بأنكِ جميلة "
شعرتُ بنشوة .. وأطرقت برأسي ..
وسرعان ما أشحتُ بوجهي عنك لأنظر للمرآة الماثلة خلفي .. هل أنا جميلة بالفعل أم أنك تفتعل مشاعرك وتصطنع تعابير وجهك !!
وسرعان ما أشحتُ بوجهي عنك لأنظر للمرآة الماثلة خلفي .. هل أنا جميلة بالفعل أم أنك تفتعل مشاعرك وتصطنع تعابير وجهك !!
< تصرف أخرق بالفعل ، كما التصرفات التي تلته ! >
لم تكن تدّخر مجهوداً في سبيل إسعادي وإرضائي ..
غمرتني بعاطفتك وبحنانك ..
كنتُ أظن أن ذلك كله ليس من باب حبك لي .. إنما من باب تعويضي عن والديّ اللذَيْن فقدتهما في غربتي معك ..
وبرغم محاولاتك الشتى للتقرب مني .. إلا أن فجوةً ما كانت بيننا .. لم يملأها شيءٌ من حبك أو عطفك أو حتى هداياك ..
كلما حاولتَ التقرب مني .. أجد قلبي يحاول الابتعاد عنك ..
كنتُ أفتح كتبي الجامعية .. فأجد وردة قد وُضعت في طيّاتها .. ورسالة عطرة بين ثناياها ..
ولم أعرف طريقة شكر لأشكرك بها غير الطريقة التقليدية ..!
فآتي إليك وأقول : شكراً على الوردة !!
يا لتصرفاتي الرعناء !! وكأنني بذلك أشكر عاملاً يعمل لدي ..
ورغم ذلك .. كنتَ تبتسم .. وتبتكر طريقة أخرى لعلك تفلح في كسر الحاجز الذي بيننا ..
< كم كنتَ صبوراً معي >
لم أكن أعرف آنذاك ما يتوجب عليّ فعله اتجاهك ..
سوى سؤالي لك إن كنت بحاجةٍ إلى مساعدة ما .. أو كوب قهوة حينما يتسلل النعاس إلى جفنيك وأنت تدرس ..
ولا أكذب عليك إن قلت لك بأنني كنت أفتقدك .. أفتقدك كثيراً حين تتغيب عن المنزل لعمل ٍ ما أو ترافق أصحابك ..
فتأتي وقد أنهكك التعب .. أستقبلك بابتسامة معتادة .. وأبادر : أهلاً بعودتك .. أتريد شيئاً قبل أن أنام ؟
فتهز رأسك بالنفي .. وأذهب لأنام .. وشيء ما بداخلي يحرقني !!
ليتهم علمونا في المدرسة كيفية ممارسة المشاعر الروحية وإطلاق العنان لها ..
ليتهم أفهمونا كيف نعبر عن مكنونات أنفسنا ونفصح عما يجول بخواطرنا ..
ليتهم أفهمونا كيف نعبر عن مكنونات أنفسنا ونفصح عما يجول بخواطرنا ..
نعم أبدو غبية بسؤلي هذا .. إلا أنني لربما كنت سأستفيد لو عرفت ذلك أكثر من استفادتي من معرفة دالتي الجيب وجيب التمام ..
لربما سأقوم بمحو ذاك الدرس السيئ الذي لقّنتني إياه حياة الترحال وطُبع في عقلي الباطن ..
فلما الرحيــــــــــــــــــل