انين الصمت
مراقبة عام
إلى جانب مشاعر الإثارة التي ترافق قراءة عنوان بلغ رواجه وشيوعه ما بلغته عناوينُ تقدم الكتب على هيئة وصفات تعالج قلق الإنسان وسعيه الحثيث نحو مكانة أبرز، فإن شعوراً متواتراً بأن تدخلاً دعائياً ساهم في بناء القائمة قد يبقى سائداً ومهيمناً وهو شعور نابه وحاذق، بيد أن خلف القائمة الموصى بها ما لم يستطع القارئ رؤيته، وقد يخفى على المؤلف أيضاً، وعلى اعتبار أنهما أداتان في مشروع دعائي ضخم فإن إبقاءهما في موضع لا يمكن من خلاله أن يريا المشهد كما هو، أمر منطقي ومطلب مهم لكي يؤديا دورهما الذي أريد.
لطالما افترضت النصوص التي تزعم امتلاكها عناوينَ كتب تتجاوز طبيعتها كمادة فكرية إلى كونها وصفات سحرية وعقارات كتابية تعالج القلق المتأصل والمتزايد في صدر الإنسان وتعتني بتوقه المتنامي إلى التطور وترسم له خارطة يستعين بها خلال سعيه لمكانة أوفر قيمة ومنزلة أعلى شأناً، نجاحها في إيهام القارئ وابتدرته بالتأكيد على حاجته الماسة إلى تغيير يحقق له نماءً وازدهاراً متاحين ومستحقين، فيما اقتضت غايتها إقناعه بأن ما يلبي احتياجه هو إرشادات ألمعية وفاعلة استُخلصت من تجارب قيمة تضمن وصوله إلى بغيته وانتهاءً تلقائياً للقلق الذي ينتابه حيال مستقبله وبالتالي تضاؤل طوعي لكتلة المشاعر المضطربة والصاخبة التي تفقده سكينة العيش وهدوءه، ولذلك فهي تؤكد أن اقتناءه للكتب المدونة في قائمتها سيحميه من التلف والتآكل الذي سيصيبه فيما لو أحجم عن قراءتها، بيد أن ما يرشح عن ذلك غالباً لا يتوافق مع رغبة المؤلف، إذ إن المؤلفات في مجملها تتضمن دليلاً إرشادياً لمزاولة صفات لا يمكن اكتسابها وقد تتعارض مع ما جُبل عليه القارئ فامتلاك صفة كالكرم ليس قراراً يمكن اتخاذه بمجرد قراءة نص يتحدث عن أثره والتسامح والصفح وإغفال الشعور بالاستياء لا يتيحه تعداد محاسنه أيضاً، ومنطقة الإصرار ليست كمكابدة العنت البشري، كما أن أدوات التغيير التي يدرجها مؤلفو تلك الكتب قد لا تتأتى للقارئ الذي لا يستطيع في الغالب أن ينفذ عبر جدار صفاته السميك بل سيصطدم به، كما أن تنميط التجارب يوقع القارئ في فخ المقارنة ويدفع به نحو تحسس عجزه في موضع ربما لن يستطيع تداركه مما سيوقعه في مأزق القلق ثانية ولكن بشكل أكيد هذه المرة.
إن إيهام القارئ بأنه قادر على إيقاف توبيخ عقله باستحداث طرق وأدوات نابهة للتفكير تمكنه من تجاوز تقليديته يثبت أن قدراته متواضعه وبالتالي يزيد من حنقه واستيائه ويعيده إلى دوامة القلق مصطحباً معه كمّاً وافراً من الإحباط واليأس.
وهو ما يفعله المؤلف دون أن يعي أو يدرك ورغم أنه لا يريد أن يتسع النتوء النفسي للقارئ أو أن يتنامى شعوره بعدم الرضا، إلا أنه بطريقة ما وعبر مسار كتابي معين صنعه أناس لا مرئيون وضعوا القوالب التي تشكل قناعة الكاتب والضوابط التي تهيمن على ذائقة القراء وتبسط نفوذها على عقلهم الجمعي على غرار ما فعله إدوارد بيرنيز في المسار الديموقراطي، ألّف ما من شأنه أن يراكم يقينه بتواضع قدراته في الحين ذاته الذي تبدو رغبته في الازدهار متّقدة يكاد وهجها يشعل هشيم أفكاره فيأتي عليه وما يرشح عن عمل كهذا هو أنه سيبقى قلقاً بشأن معالجته لقلقه وهو ما يبحث عنه الصانع اللامرئي.
لا يكون النجاح متاحاً فقط لأن الكاتب يحسن صياغة الجمل ويبدع في تنظيم أفكاره ويستطيع أن يمنح نصوصه بنية موضوعية ساحرة، بل إن هناك ما هو أبعد من ذلك كله، ثمة شرط أساسي سيضع كتابه بين الأكثر رواجاً ألا وهو
أن يكون مؤلفه على اتساق مع ما تتيحه متطلبات البروبغاندا الأدبية وتدفع باتجاهه.
إن موقفاً يقترب من الحياد وإعمالاً يسيراً لعقل القارئ سيجلو الغموض ويمكنه من رؤية المشهد وقراءته وفهمه بشكل صحيح.
وحينذاك لن يقرأ الكتب التي يزعم الآخرون أنها ستغير حياته ولن تثير عناوينها حماسته؛ لأنه يدرك أن ما هو بحاجة إليه هو أن يحيا حياته كما هي لا كما يرى مؤلف، وفي إزاء العناوين التي تعده بتغيير حياته سيكون أمام خيارين، فإما أن يعيش حياته وأما أن يقرأ عنها.
لطالما افترضت النصوص التي تزعم امتلاكها عناوينَ كتب تتجاوز طبيعتها كمادة فكرية إلى كونها وصفات سحرية وعقارات كتابية تعالج القلق المتأصل والمتزايد في صدر الإنسان وتعتني بتوقه المتنامي إلى التطور وترسم له خارطة يستعين بها خلال سعيه لمكانة أوفر قيمة ومنزلة أعلى شأناً، نجاحها في إيهام القارئ وابتدرته بالتأكيد على حاجته الماسة إلى تغيير يحقق له نماءً وازدهاراً متاحين ومستحقين، فيما اقتضت غايتها إقناعه بأن ما يلبي احتياجه هو إرشادات ألمعية وفاعلة استُخلصت من تجارب قيمة تضمن وصوله إلى بغيته وانتهاءً تلقائياً للقلق الذي ينتابه حيال مستقبله وبالتالي تضاؤل طوعي لكتلة المشاعر المضطربة والصاخبة التي تفقده سكينة العيش وهدوءه، ولذلك فهي تؤكد أن اقتناءه للكتب المدونة في قائمتها سيحميه من التلف والتآكل الذي سيصيبه فيما لو أحجم عن قراءتها، بيد أن ما يرشح عن ذلك غالباً لا يتوافق مع رغبة المؤلف، إذ إن المؤلفات في مجملها تتضمن دليلاً إرشادياً لمزاولة صفات لا يمكن اكتسابها وقد تتعارض مع ما جُبل عليه القارئ فامتلاك صفة كالكرم ليس قراراً يمكن اتخاذه بمجرد قراءة نص يتحدث عن أثره والتسامح والصفح وإغفال الشعور بالاستياء لا يتيحه تعداد محاسنه أيضاً، ومنطقة الإصرار ليست كمكابدة العنت البشري، كما أن أدوات التغيير التي يدرجها مؤلفو تلك الكتب قد لا تتأتى للقارئ الذي لا يستطيع في الغالب أن ينفذ عبر جدار صفاته السميك بل سيصطدم به، كما أن تنميط التجارب يوقع القارئ في فخ المقارنة ويدفع به نحو تحسس عجزه في موضع ربما لن يستطيع تداركه مما سيوقعه في مأزق القلق ثانية ولكن بشكل أكيد هذه المرة.
إن إيهام القارئ بأنه قادر على إيقاف توبيخ عقله باستحداث طرق وأدوات نابهة للتفكير تمكنه من تجاوز تقليديته يثبت أن قدراته متواضعه وبالتالي يزيد من حنقه واستيائه ويعيده إلى دوامة القلق مصطحباً معه كمّاً وافراً من الإحباط واليأس.
وهو ما يفعله المؤلف دون أن يعي أو يدرك ورغم أنه لا يريد أن يتسع النتوء النفسي للقارئ أو أن يتنامى شعوره بعدم الرضا، إلا أنه بطريقة ما وعبر مسار كتابي معين صنعه أناس لا مرئيون وضعوا القوالب التي تشكل قناعة الكاتب والضوابط التي تهيمن على ذائقة القراء وتبسط نفوذها على عقلهم الجمعي على غرار ما فعله إدوارد بيرنيز في المسار الديموقراطي، ألّف ما من شأنه أن يراكم يقينه بتواضع قدراته في الحين ذاته الذي تبدو رغبته في الازدهار متّقدة يكاد وهجها يشعل هشيم أفكاره فيأتي عليه وما يرشح عن عمل كهذا هو أنه سيبقى قلقاً بشأن معالجته لقلقه وهو ما يبحث عنه الصانع اللامرئي.
لا يكون النجاح متاحاً فقط لأن الكاتب يحسن صياغة الجمل ويبدع في تنظيم أفكاره ويستطيع أن يمنح نصوصه بنية موضوعية ساحرة، بل إن هناك ما هو أبعد من ذلك كله، ثمة شرط أساسي سيضع كتابه بين الأكثر رواجاً ألا وهو
أن يكون مؤلفه على اتساق مع ما تتيحه متطلبات البروبغاندا الأدبية وتدفع باتجاهه.
إن موقفاً يقترب من الحياد وإعمالاً يسيراً لعقل القارئ سيجلو الغموض ويمكنه من رؤية المشهد وقراءته وفهمه بشكل صحيح.
وحينذاك لن يقرأ الكتب التي يزعم الآخرون أنها ستغير حياته ولن تثير عناوينها حماسته؛ لأنه يدرك أن ما هو بحاجة إليه هو أن يحيا حياته كما هي لا كما يرى مؤلف، وفي إزاء العناوين التي تعده بتغيير حياته سيكون أمام خيارين، فإما أن يعيش حياته وأما أن يقرأ عنها.