الحياة مبدأ
عضو
في إحدى أزقة الرياض الحالمة كنت أسير في ساعة متأخرة من الليل وحيدا أترنم برائعة نداء و حداء ( أمي يا لحنا أعشقه .. و نشيدا دوما أنشده .. ) فأنظر إلى القمر و أنا منهمك في تلك المعاني الراقية التي تحملها الأغنية و أقول بلا أمي بلاهم .. هذاني مهيت في الشوارع و لا درت عني .. لوني لبانة تسان انتبهت لي أما عشاني ولدها..
قطعت تذمري بعد أن تجاوزت هاوية حفرة معدة لأعمال إمدادات الصرف الصحي دون أن انتبه لها .. فحاولت التراجع إلا أن الوقت قد أزف فنظرت إلى الكميرة و رفعت لوحة مكتوب عليها ( يلعن أم النكبة ) ثم سقطت أرضا ( يعني أبسقط في السماء )
لم أكد أرتطم بالأرض حتى التفت لأتأكد أن أحدا لم يشاهدني و أنا أجاوب على خشتي ، ثم بعد ذلك تفحصت بعض جروحي و قلت و أنا انهض لعنبو ذا المتخلفين الحين مالقوا يحطون حفرة إلا فيذا ؟؟ .. ديرتن مساحتها مليونين وربع و لا لقوا يحفرون إلا في درب المسلمين .. وش خلوا لبقز بني ؟؟ ..
و أنا أطلق عبارات الاستياء هنا و هناك إذ لمحت صندوقا خشبيا يطل طرفه من أحد أركان الحفرة فبترت كلامي و تأملته برهة .. ثم ذهبت إليه بخطوات حذرة و قلت في نفسي و أنا أتلمسه وش ذا ؟؟ .. صندوق في ذا الحفرة ؟؟ .. ليش طيب مهوب في حفرة ثانية ؟؟ و إلا في نفس الحفرة بس ما ينشاف ؟؟ معقولة ذا الصدفة ؟؟ أقول بس ياكثر بربرتي .. خلني أخذه و أشوف وش في وسطه ..
لم أمهل نفسي وقتا فقد معطت الصندوق بكل ما أوتيت من قوة و خرجت من الحفرة عائدا إلى البيت و أنا أقول في نفسي يا ترى أتكون سعادتي في جوف هذا الصندوق أم أنه كصندوق أمي سارة أغلى ما فيه قفله ؟؟ .. لم أترك نفسي حائرا فقد دخلت البيت و أغلقت على نفسي باب غرفتي و وضعت الصندوق أمامي ثم فتحته ببطء ..
فتحت الصندوق إلا أني لم أجد سوى غطاءا أخر ، و لكني قرأت مكتوبا على ظهر الغطاء الأول ( مرحبا بك في صندوق السعادة .. لا ترفع الغطاء الأخر حتى تتأكد من أنك مستعد ) .. قلت في نفسي من زيني أستعد .. فرفعت الغطاء الأخر فوجدت ما كاد يسقطني أرضا ..
وجدت جرة فخارية لم ترى عيني مثلها ( لأني ماشفت في عمري إلا جيكات ) تأسر اللب و تشخص البصر بذلك البريق البنفسجي الناعم الذي يشع من جنباتها .. تناولتها بيدي ( أجل بأذاني ) و وضعتها على الطاولة و جلست أتأملها برهة من الزمن ثم أدخلت يدي في جوف الجرة فأمسكت بحجر من أحجار كثيرة تتواجد في جوفها و سحبت الحجر خارجا ، و لم أكد أقرأ النقش المكتوب عليه حتى تغير ما حولي ..
وجدت نفسي واقفا في مكان يؤمه الناس و يطوفون حوله ، وهم في هيئة و شكل غريب عني .. لم يكن معي في تلك الحزة إلا الحجر الذي أخرجته من الجرة ، فتأملت ما نقش عليه فوجدت أن قد كتب ( مكة .. بعد الهجرة ) فقلت في نفسي يلعن أم النكبة .. كل اللي هنا قشران .. وشلون أرجع .. إلا أن السيف قد سبق العذل فقد تجمهر حولي جمعا من أهل مكة وتقدم إلي شخص منهم بغيض الملامح تبرز سمات القشر و اللعانة من تقاسيم وجهه قائلا لي وهو يشد عباءته : من الرجل ؟؟ .. قلت له من الروعة : سم ؟؟ .. قال لصاحبه وهو يشير إلي : إني و الله يابن وائل لأستنكر هيئته بيننا أهو أعجمي ؟ .. فقال العاص بن وائل وهو يتفحص لباسي : لا أظن يابن الحكم .. ثم التفت إلي العاص و قال مستهيشا : من أي البلاد أنت ؟؟ .. قلت له محاولا تلطيف الجو : من بلاد الألعاب اللي في طريق الملك فهد خخخخخخخ .. إلا أن محاولتي قد باءت بالفشل حيث أكتسح العبوس وجنتيهما ، فقال أبوجهل وهو يمسك تلابيبي : تبا لك سائر اليوم أخبرنا من أين أتيت ؟؟ .. قلت له : و أنت وش دخلك ؟؟ .. قال أبوجهل لصاحبه العاص : إني و الله يابن وائل لم أعرف في العرب أفرس منك .. فأخبرني عن أمره .. فما كان من العاص إلا أن أخذ مقلبا كبر دمجته و بدأ يسير حولي و يتفحصني ثم قال : أظنه يابن الحكم عبد أبق من قبيلة بني بكر .. إلتفت على العاص و قلت له : و الله العبد جابته أمك !! و الله من زين الفراسة .. لم أكد أنهي جملتي حتى انقض علي الرجلان و لعنا خيري ..
أفقت من غيبوبتي و وجدت نفسي ملقا في وسط ناد لأبي جهل يؤمه صناديد قريش ، كان بينهم العاص و أباجهل و الوليد بن المغيرة و سهيل ابن عمرو و أمية بن خلف و غيرهم من كديش قريش .. فوقفت على قدمي ، و وجدت أباجهل يشير إلي و يقول : هذا الذي وجدته قرب الكعبة يابن المغيرة .. ماذا ترى في شأنه .. تأملني المغيرة بنظرات خاملة ثم بدأ يلحس طرف كأس الخمر الذي يحتسيه مما أصابني بالرعب كوني أقف بين سكارى فقال المغيرة : ألا يبدو شكله من سدنة الكعبة ( صاقعن له كاسين ابوخالد ) .. فضحك الجميع على قول الوليد و قال سهيل معقبا : لو انه من سدنة الكعبة يابن المغيرة لرايته بجوارها الآن ( يقاله هو الصاحي فيهم ) .. فكب الجميع في نوبة ضحك عميق بينما الرعب يسكن كل ذرة بي .. و قد تضاعف الرعب عندما أشار أبوجهل لصحبه أن اصمتوا ثم قام من مكانه ( اجل بيقوم من مكان اللي جنبه ) و بدأ يقترب مني بينما الجميع يتامل ماذا سيفعل أباجهل .. أما أنا فقد تراجعت حتى التصقت بالجدار و بدأت أتأمله بنظرات ملؤها الرعب .. و ما كاد يصل إلي حتى رفع كأس الخمر الذي معه و ألقى به في خشتي ثم كب هو و صحبه في نوبة ضحك عميقة .. فأحسست بالتهزيئ و قطرات الخمر تنقط من خشتي فما كان مني إلا أن أخذت الجرة من إحدى المنضدات القريبة و هويت بها في مقفى أبوجهل .. و نظرت إلى الجماعة منتظرا ضحكاتهم ظنا مني أنهم يضحكون على البربسة أيا كان مصدرها إلا أنهم جلسوا ينظرون إلي نظرات غاية في الشراسة و الدموية و العنف .. أما أبا جهل فقد جرد سيفه و التفت إلي و قال وهو يهوي بسيفه على رقبتي تبا لك يابن السافلة ..
لم يكد السيف يلاصق رقبتي حتى وجدت نفس جالسا في غرفتي أمام الجرة .. التقطت أنفاسي و شربت بعض الماء و أطرقت برأسي و أنا أتعوذ من الشيطان إلا أني سمعت حثبرة مكتومة خلفي فالتفت إلى مصدر الصوت فوجدته أبوجهل ملقا خلفي و سيفه جانبه وهو ينظر إلى المكان حوله نظرات غاية في الرعب و الخوف .. قمت من مكاني كالمقروص و صرخت في أبو جهل : وش جابك معي الله يلعنك ورى منتب مع ربعك الكديش .. تراجع أبوجهل و الرعب يكتسي كل ذرة من جسده و قال بصوت متحشرج : العفو منك يا صاحب العفو .. قلت له كل تبن بس .. ثم حثبرت قليلا في الصندوق و وجدت عبارة منقوشة في أحد زواياه ( من يلامسك يعود معك ) .. التفت إلى أبوجهل و قلت و الله النكبة الحين وش اسوي بذا العلة وشلون أصرفه ؟؟ ..
أخذت سيف أباجهل و القيت به مع النافذة لا يتعود على الوضع و يقلب علي ، ثم أجلسته أما الجرة جانبي و قلت له : شف يا أبوجهل أنت رجالن علة و أنا دارس في التاريخ انك أقشر أقعد جنبي و لا تحثبر أبحاول أرجعك لزمانك .. خلك ماسك يدي .. و إياني و إياك تقلب علي إلى صرنا هناك فاهم !! .. قال أبوجهل وهو يتحسس جهاز التكييف : لا أبا لي إن عصيت لك أمرا يا أبابس .. و لكن قبل أن نرحل من أين يهب عليكم هذا الهواء البارد !! .. قلت له و أنا أنزل يده مهوب شغلك الله .. تمسك فيني زين و خل اللقافة إذا صرت عند ربعك ..
أدخلت يدي في الجرة و خلطت الحجر قليلا ثم سحبت احدها و أنا أسمي بالله .. لم أكد اخرج حجرا و أقرأ ما نقش به حتى وجدت نفسي واقفا بجانب أبي جهل في إحدى الساحات الحجرية .. تأملت النقش المكتوب على الحجر فوجدته ( روما القديمة .. قبل الميلاد ) قلت في نفسي و الله من زين الحض .. وش جابنا لروما .. إلا أن أبا جهل قطع علي حبل أفكاري قائلا : أين نحن ؟؟ .. قلت له صائقا بعد أن التفت عليه : أنا كم مرة قلت لك أترك عنك اللقافة ؟؟ مهوب شغلك وين حنا فيه و إلا و الله لا أروح و أخليك لحالك .. تعنقد بيدي اباجهل كناية عن تمسكه بي .. فربت على رأسه و قلت له و نعم و الله أبوجهل أبوديه للبقالة إذا سكت .. إلا أنا أباجهل و بدا يشير إلى أرتال من البشر بدأوا يتجمهرون حولنا .. فقال أبوجهل : أنقاتلهم ؟؟ .. قلت له : ورى ما تقصر حسك لا ألعن والديك وش نقاتلهم تكفى ؟؟ .. قطع حواري الراقي مع أبوجهل رجل تقدم من بين الجموع تشع منه الحكمة و الوقار و السكينة و قال لي : أنا فيلسوف روما أرسطو .. و أريد سؤالكم من أنتم ؟؟ .. قلت له و أنا أمد يدي مصافحا : أنا السيد هها بس جاي من زمان يتقدم على زمانكم بثلاثة ألاف سنة .. و هذا أبوجهل عده مهوب موجود ..
كانت ردة فعل أرسطو حكيمة ، فقد عرض علينا الاستضافة في بيته و كأننا جوهرتين لم يكن يحلم بهما ، و بدا يسألني عن زماننا فتحدثت له عن سمات الزمان الذي نعيش فيه ، و نط أبوجهل في نص الحوار قائلا : و لديهم هواء لم يهب علي أبرد منه يخرج من فتحة غريبة الشكل .. فنظرت إلى أباجهل نظرات تحمل رسالة مفادها أن قد فشلتنا فكل تبن و خلك في حالك .. فقال أرسطو سافها أباجهل : و أي الإيماءات بين البشر تسودكم ؟؟ .. قلت لأرسطو متضايقا : و الله يا أرسطو عليك أسئلة بعض الأحيان ما تنفع بريال .. وش إيماءاته تكفى ؟ .. مشينا بس يا أبوجهل .. فقام أرسطو من مكانه و قال : الفضول يعتصرني يا صديقي فخذوني معكم .. فقلت لأرسطو و الله يابن الحلال بلشن باللي عندي تبيني أخذك معي ؟؟ .. فقال أرسطو بحكمته و حلمه المعهود وهو يناقز : أبي أبي أجي معكم تكفىىى .. قلت له مايخالف كودك تلهي ذا العلة أبوجهل .. تمسك في أذانه زين .. و انت يابوجهل اترك قز بنات أرسطو تراي ملاحظك من دخلنا بيته و تعنقد في يدي تراي أبطلع الحصاة الحين .. فأخرجت الحصاة من مخباتي و نخمت بها و ماهي إلا لحظات حتى وجدت نفسي في غرفتي و أرسطو و أباجهل ملقيان خلفي ..
وقف أرسطو بروية و حلم و بدأ يتأمل محتويات غرفتي و قال يبدو أن البشر تعرفوا على الحضارة الحقيقية .. أما ابوجهل فقد سحب يد أرسطو و قال له تعال أوريك الفتحة اللي يجي معها هوا بارد .. فسطرته على مقفاه و قلت له و الله لا اطلع حصاة الحين و أنطلك في يثرب أن ما عقلت .. فسكن أبا جهل و بدأ أرسطو يتأمل محتويات الغرفة و قال لي وهو يشاهد برنامجا في التلفاز : أحروبكم مدمرة لهذا الحد ؟؟ .. قلت له و الله يا أرسطو و أنت رجالن ما يخفى عليك في حرب وحدة راح فيها خمسين مليون .. لا و الحين فيه شي اسمه قنابل نووية تنطلها على مدينة و يفطسون كلهم .. و هنا قام أبوجهل و قال : لعمري إني بسيفي أخضع قريشا كلها .. قلنا له أنا و ارسطو ايه ما يخالف بس اسكت .. و هنا قال أرسطو و الحزن باد من جنبات وجهه : أعدني يابني إلى روما .. فأنتم لم تتعرفوا على الحضارة الحقيقية .. قلت لأرسطو الظاهر أنك تحسبني سواق عند أبوك وش أرجعك لروما تكفى تحسبها سهلة ؟؟ .. تعال بس تمسك في أذان ابوجهل و أنت يا أبوجهل تمسك في يدي أبروح أنطلكم في مكان ثاني و أرجع .. ما بقي على الفجر إلا شوي و أخاف يقوم أبوي و يلقاكم عندي يالدشير .. ففعلا ما طلبته منهم و أخرجت حصاة ..
في وسط ساحة ترابية قد أشعلت نار هائلة وسطها .. ظهرت أنا و أباجهل ممسك بيدي و خلفه أرسطو قد امسك بأذانه كان مكتوبا على الحصاة ( قبائل التوتسي .. قبل خمسمائة سنة ) قال أرسطو وهو يتقدم لهم هؤلاء من كنت أظن وجودهم إنهم أكلي البشر .. قلنا له و أنت مستانس الحين أنك عند أكلي بشر ؟؟ .. ثم همست في أذن أبوجهل .. هذا وقتك يا أبوعكرمة أن طبوا علينا ذا العبيد تلاعن معهم إلين نفرك .. ترى مهيب زينة أرجعك لناديك و أقول لربعك ترى أبوجهل ذبحوه عبيد .. شينة في حقك .. و فعلا فقد تجمع حولنا جمع منهم فسحب اباجهل سيفا قريبا منه و قال الويل لكم أيها الأحباش الأوباش .. و ماهي إلا لحظات حتى بدا القتال بينهم فقلت لأرسطو وش رايك نفرك و نخليه ؟ .. فقال أرسطو خخخخخخخ و الله يا نبي نضحك عليه ضحك .. إلا أن أباجهل أحس بالمقلب فترك القتال و تعنقد في رقبة أرسطو .. و لم تكد النخمة تصل الحصاة حتى هوى أحدهم بالسيف على ظهر أباجهل ..
وجدت نفسي جالسا أمام الجرة و أباجهل و أرسطو و أحد أفراد قبيلة التوتسي ملقيين خلفي .. فقمت من مكاني و أخرجت من دولابي بعض الملابس و ألقيتها في وجه الأفريقي قائلا له : البس الله يفشلك قبل لا يهيم فيك أبوجهل .. ثم التفت على الجماعة و قلت لهم و الله اللي بلشت بكم .. وين أوديكم الحين ؟؟ .. كل شوي زايدين واحد .. فقال أبوجهل و ما شأن ذاك الحبشي لما لا توجه خطابك له ؟؟ .. قلت له هين الحبشي على قولتك وش حليله أبنطله في منفوحة و لاحدن داري عنه أما أنتم وين أوديكم ؟؟ .. تدرون عن شي .. تمسكوا ..
وجدنا أنفسنا أمام محل للحدادة .. كان مكتوبا على الحجر (بغداد .. عهد المأمون ) تجمهر حولنا الناس .. ثم تقدم من بينهم رجل متكبر قال لنا بصلف : هيا إلى الخليفة أيها الأغراب .. قال له أرسطو وش سوينا ؟؟ قال : نتأكد من هوياتكم .. قال له أبا جهل مستلكعا : طيب ياخي كلم العمليات .. إلا أن الرجل ضاق ذرعا .. فأخذنا إلى قصر المأمون بالقوة و دخل بأربعتنا عليه ..
دخلنا إلى مجلس المأمون الزاخر بالجواري الحسان و كان منهمكا في قراءة كتاب على أريكته الوثيرة .. فقال أبوجهل وهو يتقدم إليه قاطعا هدوء المكان : إلينا ببعض الجواري الحسان أيها المغزلجي ( خربها أبوجهل لأنه خابر أنهم مهوب قادرين علينا ) قام حاجب الخليفة إلينا غاضبا و قال هامسا : احترموا مقام الخليفة قامت عصبكم .. فقلت لأبوجهل : هو صادز تراك فشلتنا عند أبوهارون .. فقال أبوجهل : لم أتمالك نفسي أمام جمال و حسن و بهاء تلك الجواري .. ثم استطرد بخبث وهو يشير إلى الافريقي : حمدا لله أنك أعطيت هذا الحبشي لباسا و إلا كان فضحنا عند المأمون .. قطععلينا أرسطو الحوار قائلا : أهذا أحد ملوك العرب يا أبابس .. قلت له أنا و أبوجهل : و الله يا أنت رايق يا أرسطو لعنبوبليسك و حنا رايقين له .. اسألنا عن البنات اللي عنده .. و في هذه الأثناء أغلق المأمون الكتاب الذي كان يقرأه و قام من أريكته و تفحصنا بنظرات ساكنة ثم قال لنا : من أين أتيتم أيها الأغراب ؟؟ .. هم أباجهل بالحديث إلا أننا تليناه مع عمامته و قدمنا أرسطو ليتحدث عنا .. و عندما بدأ أرسطو بالكلام إذ سمعنا صوت صراخ مكتوم أتٍ من خلفنا ، و لما التفت وجدت أباجهل و قد أمسك بجاريتين حسناوين و قد وضع يده على شفتيهما لإلى يصرخا .. فركضت إليه و قلت له صارخا : أتركهن الله يلعنك .. قال أبوجهل وهو يشدد قبضته عليهن : لا أستطيع يا أبابس .. هيا .. هيا أبصق على حجارتك لنعود إلى هناك .. قلت له أقول أتركها الله يفشلك .. قال لي : هذه الحمراء التي أقيدها بيميني قد اخترتها لك .. أما الأخرى فلي .. قلت له ياخي مالك داعي بس دامك ملزم يالله .. يا .. يا أرسطو .. أرسطووو .. يالله و أنا عمك البس نعالك نبي نمشي .. و أنت يالدبشة تعال أنت و شوشتك يالله نبي نمشي قبل لا يلعن خيرنا المأمون .. فتجمعنا نحن الستة و تماسكنا فأخرجت الحجارة من جيبي و بصقت بها و لم يكد يتداركنا حرس الخليفة حتى كنت جالسا على الطاولة و خلفي صحبي ..
عدنا إلى غرفتي .. فسحب أباجهل الجاريتين ليريهما المكيف ( يقاله يتميلح عندهن ) .. فقمت من مكاني و قلت بعصبية الله يلعنك يا أبوجهل .. كل مالها و تزيد نكبتي .. مدري وشلون طعتك يالملعون و سمحت لك تجيب ذا البنات .. الحين وش السوا.. قطعت كلامي و التفت مرعوبا بعد أن سمعت تصميخ بيبان بالخارج .. فالتفت على الجماعة و قلت لهم .. ياحلاااوة كملت .. قام أبوي للصلاة .. يالله .. يالله .. كل واحد يشوف شغله .. توزوا .. و أنت يا أبوجهل اترك البنات .. خلهن يتوزن مع أرسطو .. أنت توز مع الأفريقي .. و لم يكد الجميع يختبئ حتى سمعت قرع الباب .. ففتحته و إذا بوجه والدي الصبوح يصرخ لااااا إلاااااه إلا الله .. اصبحنا و اصبح الملك لله .. اسمع عندك قرقعة تو وش فيه ؟؟ .. قلت له و أنا غاية في الاضطراب : لا ابد الله يسلمك بس كن.. أعطاني أبي الكريم و مربيي الفاضل الأشكل المعتاد و قال لي : يالله .. يالله توض يبي يقيم الحين .. قلت له زين .. و لم يكد يغادر حتى لمح ذاك الصندوق الذي نسيت تخبئته فقال لي من وين لك ذا الصندوق ؟؟ .. قلت له و أنا اجتر الكلمات اجترارا : لقيته في المخزن قلت أجيبه يم.. لم يعطني الوقت للتبرير بعد أن سمع كلمة " مخزن " فدخل بعصبية و قال وهو يسحب الصندوق : أنا كم مرة قلت لكم لاحد ياخذ شي من المخزن .. ثم ذهب إلى غرفته ومعه الصندوق ..
أشرت للجميع أن أخرجوا بسرعة .. ثم ركضنا جميعا نحو الخارج ، فاستقلينا السيارة و شخطت بأقصى سرعتي .. و لما أصبحت في مدى أمن .. ضربت المقود بيدي من شدة القهر و قلت الله ينكب عفشكم .. وش أسوي بكم الحين ؟ .. قال أرسطو : لا تجزع يابني فما بعد الضيق إلا الفرج .. و قال أبوجهل وهو يتأمل أنوار المدينة بحزن بالغ : لا أريد هذه المدينة .. أريد أمية و الوليد و العاص .. أعدني يا أبابس إليهم .. قلت له و أنا أتفل في خشته : و الله من زين الشلة .. كل واحد ألعن من الثاني .. و بعدين وشلون تبيني أرجعك لهم ؟؟ .. تدرون عن شي .. خلوني أدبركم واحد واحد .. أول شي أببدا بالأسهل .. فما كان مني إلا دقيت إشارة و ديورت لأمسك طريق الدائري الجنوبي .. و عندما أصبحت على بعض كيلوات قليلة من منفوحة توقفت بالسيارة ففتح الأفريقي الباب و ترجل من السيارة و إتجه لمنطقة منفوحة راكضا ( أثر كلهم يعرفون دربهم ) .. فقلت الفكة .. الفكككة .. ثم أكملت سيري و قلت لأرسطو إعلم أيها الفيلسوف أن زماننا كويس مافيه شي .. فقال لي : و لكن الشوق يحدوني لشوارع روما و فلاسفتها .. فقلت له الحين روما عاصمة فرنسا و إلا ايطاليا ؟؟ فقال أرسطو لا علم لي بذلك .. فقلت له و الله من زين الفيلسوف .. فالتفت لأبوجهل الذي كان يجلس في المقعد المجاور و يلهوا بالمكيف وقلت له : تدري روما عاصمة أي دولة .. قال أبوجهل : عاصمة الروم .. قلت له لا ياشيخ ؟؟ أقول روما عاصمة فرنسا و إلا إيطاليا ؟؟ جاوب و إلا صكيت المكيف .. قال لي أظنها إيطاليا .. قلت له ممتاز .. فسرت بضع دقائق ثمن توقفت بالسيارة .. و قلت لأرسطو حول .. قال لي بملامح مشدوهة و أين تريدني أن أذهب ؟؟ .. قلت له مهوب شغلي هذي سفارة ايطاليا هم يدبرونك .. يالله حول .. قال لي و لكني أريد روما قبل ثلاث الاف سنة .. قلت له لا تشغلني يا أرسطو أنت و روما أنت اللي مبحلنا تقول أبجي معكم ما غصبناك تجي معنا .. صح و إلا لا يا أبوجهل .. قال أبوجهل صدقت و اللات .. ثم قلت له : و بعدين ياخي ذا الدولة عاصمتها روما رح لمهم وهم يدبرونك .. فقال أرسطو منيب نازل ( خربها الفيلسوف ) .. فما كان من أبوجهل إلا أن نزل و فتح باب أرسطو و تله من عتراه و نطله أمام السفارة ..
عاد أبوجهل إلى مقعده و قال وهو يفرك بيديه و الحماس باد على محياه .. هاهاهاهاها لم يبقى إلا أنا و أنت و الجاريتين يا أبابس أتعلم لنا ناد نحتسي به الخمر قبل مضاجعة الجاريتين ؟؟ .. قلت له ايه فيه نادي بودي ماستر أن كانك تبيه .. و الله من زين العلوم يا أبوجهل .. من وين نجيب لك نادي فيه خمر .. فقال وهو يلتفت للفتاتين مبتسما : لا يهم يا أبابس .. خذني إلى أي مكان ما دامتا تلك الحسناوتين معنا .. فقلت له : ما طلبت إلا عزك يا أبوجهل .. و ماهي إلا دقائق معدودة حتى قلت لأبي جهل انزل معي .. فقال لي و الجاريتين .. قلت له ما عليك منهن الحين نجيبهن بس أنت تعال معي .. فترجل أبوجهل من السيارة و دخلت به مبنى هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالعليا و قلت لهم أن هذا أبوجهل اللي مبهذل بالمسلمين منول لا و تراه تو قاعد يغازل .. فقال مدير القسم : يغازل الخبيث !! .. فقال أبوجهل يقاله يبي يخلص نفسه و اللات و العزى إن اقترب مني أحدكم أن يأتيكم صناديد قريش ركبنا ليقطعوا لحومكم .. فقاله مدير القسم : كملت ياعدو الله .. ثم إستطرد موجها حديثه لي : جزاك الله خير يا أبوبس .. بمثلك تنهض الأمة و تسود .. بامكانك الرحيل يا رعاك الله .. فقلت له و أنا حول ما أصيح جزاك الله خير ثمن رجعت لسيارتي اللي موقفها بعيد و قلت للجواري دييييييي .. عسى ما تأخرتعليكن ؟؟ .. فقالت لي وحدة منهن : لا و لكنا نشعر بالوحشة .. فقلت لها : باسم الله على قليبتس .. خلاص أبوجهل الماصل فكنا الله منه .. الحين نروح لاستراحتنا نوسع صدورنا .. تعالي انت و اياها اركبوا قدام ترى ورى حر ..
فديورت و رحت للاستراحة .. و لقيتها فاضية مافيها أحد .. فقلت في نفسي تمام التمام .. اليوم يالله لك الحمد متكامل الحظ .. فنزلت أنا و الجواري للاستراحة ثمن قلت لهم أحتروني نص ساعة أبجيب لنا فطور .. و عقب نص ساعة دخلت عليهن و معي صحن كبدة و فول و تميسة مقرضها .. و أفطرنا و عينا من الله خير .. و ولعنا الراس .. و يوم قمت أقفل الباب و إلاني أشوف حقين اللهيئة محاصرين الغرفة و معهم أبوجهل يبتسم
الفائدة من القصة : إذا مشيت في الشارع أنتبه لحفر الصرف الصحي ..
________________________________________
الحياااااة مبدأ...
قطعت تذمري بعد أن تجاوزت هاوية حفرة معدة لأعمال إمدادات الصرف الصحي دون أن انتبه لها .. فحاولت التراجع إلا أن الوقت قد أزف فنظرت إلى الكميرة و رفعت لوحة مكتوب عليها ( يلعن أم النكبة ) ثم سقطت أرضا ( يعني أبسقط في السماء )
لم أكد أرتطم بالأرض حتى التفت لأتأكد أن أحدا لم يشاهدني و أنا أجاوب على خشتي ، ثم بعد ذلك تفحصت بعض جروحي و قلت و أنا انهض لعنبو ذا المتخلفين الحين مالقوا يحطون حفرة إلا فيذا ؟؟ .. ديرتن مساحتها مليونين وربع و لا لقوا يحفرون إلا في درب المسلمين .. وش خلوا لبقز بني ؟؟ ..
و أنا أطلق عبارات الاستياء هنا و هناك إذ لمحت صندوقا خشبيا يطل طرفه من أحد أركان الحفرة فبترت كلامي و تأملته برهة .. ثم ذهبت إليه بخطوات حذرة و قلت في نفسي و أنا أتلمسه وش ذا ؟؟ .. صندوق في ذا الحفرة ؟؟ .. ليش طيب مهوب في حفرة ثانية ؟؟ و إلا في نفس الحفرة بس ما ينشاف ؟؟ معقولة ذا الصدفة ؟؟ أقول بس ياكثر بربرتي .. خلني أخذه و أشوف وش في وسطه ..
لم أمهل نفسي وقتا فقد معطت الصندوق بكل ما أوتيت من قوة و خرجت من الحفرة عائدا إلى البيت و أنا أقول في نفسي يا ترى أتكون سعادتي في جوف هذا الصندوق أم أنه كصندوق أمي سارة أغلى ما فيه قفله ؟؟ .. لم أترك نفسي حائرا فقد دخلت البيت و أغلقت على نفسي باب غرفتي و وضعت الصندوق أمامي ثم فتحته ببطء ..
فتحت الصندوق إلا أني لم أجد سوى غطاءا أخر ، و لكني قرأت مكتوبا على ظهر الغطاء الأول ( مرحبا بك في صندوق السعادة .. لا ترفع الغطاء الأخر حتى تتأكد من أنك مستعد ) .. قلت في نفسي من زيني أستعد .. فرفعت الغطاء الأخر فوجدت ما كاد يسقطني أرضا ..
وجدت جرة فخارية لم ترى عيني مثلها ( لأني ماشفت في عمري إلا جيكات ) تأسر اللب و تشخص البصر بذلك البريق البنفسجي الناعم الذي يشع من جنباتها .. تناولتها بيدي ( أجل بأذاني ) و وضعتها على الطاولة و جلست أتأملها برهة من الزمن ثم أدخلت يدي في جوف الجرة فأمسكت بحجر من أحجار كثيرة تتواجد في جوفها و سحبت الحجر خارجا ، و لم أكد أقرأ النقش المكتوب عليه حتى تغير ما حولي ..
وجدت نفسي واقفا في مكان يؤمه الناس و يطوفون حوله ، وهم في هيئة و شكل غريب عني .. لم يكن معي في تلك الحزة إلا الحجر الذي أخرجته من الجرة ، فتأملت ما نقش عليه فوجدت أن قد كتب ( مكة .. بعد الهجرة ) فقلت في نفسي يلعن أم النكبة .. كل اللي هنا قشران .. وشلون أرجع .. إلا أن السيف قد سبق العذل فقد تجمهر حولي جمعا من أهل مكة وتقدم إلي شخص منهم بغيض الملامح تبرز سمات القشر و اللعانة من تقاسيم وجهه قائلا لي وهو يشد عباءته : من الرجل ؟؟ .. قلت له من الروعة : سم ؟؟ .. قال لصاحبه وهو يشير إلي : إني و الله يابن وائل لأستنكر هيئته بيننا أهو أعجمي ؟ .. فقال العاص بن وائل وهو يتفحص لباسي : لا أظن يابن الحكم .. ثم التفت إلي العاص و قال مستهيشا : من أي البلاد أنت ؟؟ .. قلت له محاولا تلطيف الجو : من بلاد الألعاب اللي في طريق الملك فهد خخخخخخخ .. إلا أن محاولتي قد باءت بالفشل حيث أكتسح العبوس وجنتيهما ، فقال أبوجهل وهو يمسك تلابيبي : تبا لك سائر اليوم أخبرنا من أين أتيت ؟؟ .. قلت له : و أنت وش دخلك ؟؟ .. قال أبوجهل لصاحبه العاص : إني و الله يابن وائل لم أعرف في العرب أفرس منك .. فأخبرني عن أمره .. فما كان من العاص إلا أن أخذ مقلبا كبر دمجته و بدأ يسير حولي و يتفحصني ثم قال : أظنه يابن الحكم عبد أبق من قبيلة بني بكر .. إلتفت على العاص و قلت له : و الله العبد جابته أمك !! و الله من زين الفراسة .. لم أكد أنهي جملتي حتى انقض علي الرجلان و لعنا خيري ..
أفقت من غيبوبتي و وجدت نفسي ملقا في وسط ناد لأبي جهل يؤمه صناديد قريش ، كان بينهم العاص و أباجهل و الوليد بن المغيرة و سهيل ابن عمرو و أمية بن خلف و غيرهم من كديش قريش .. فوقفت على قدمي ، و وجدت أباجهل يشير إلي و يقول : هذا الذي وجدته قرب الكعبة يابن المغيرة .. ماذا ترى في شأنه .. تأملني المغيرة بنظرات خاملة ثم بدأ يلحس طرف كأس الخمر الذي يحتسيه مما أصابني بالرعب كوني أقف بين سكارى فقال المغيرة : ألا يبدو شكله من سدنة الكعبة ( صاقعن له كاسين ابوخالد ) .. فضحك الجميع على قول الوليد و قال سهيل معقبا : لو انه من سدنة الكعبة يابن المغيرة لرايته بجوارها الآن ( يقاله هو الصاحي فيهم ) .. فكب الجميع في نوبة ضحك عميق بينما الرعب يسكن كل ذرة بي .. و قد تضاعف الرعب عندما أشار أبوجهل لصحبه أن اصمتوا ثم قام من مكانه ( اجل بيقوم من مكان اللي جنبه ) و بدأ يقترب مني بينما الجميع يتامل ماذا سيفعل أباجهل .. أما أنا فقد تراجعت حتى التصقت بالجدار و بدأت أتأمله بنظرات ملؤها الرعب .. و ما كاد يصل إلي حتى رفع كأس الخمر الذي معه و ألقى به في خشتي ثم كب هو و صحبه في نوبة ضحك عميقة .. فأحسست بالتهزيئ و قطرات الخمر تنقط من خشتي فما كان مني إلا أن أخذت الجرة من إحدى المنضدات القريبة و هويت بها في مقفى أبوجهل .. و نظرت إلى الجماعة منتظرا ضحكاتهم ظنا مني أنهم يضحكون على البربسة أيا كان مصدرها إلا أنهم جلسوا ينظرون إلي نظرات غاية في الشراسة و الدموية و العنف .. أما أبا جهل فقد جرد سيفه و التفت إلي و قال وهو يهوي بسيفه على رقبتي تبا لك يابن السافلة ..
لم يكد السيف يلاصق رقبتي حتى وجدت نفس جالسا في غرفتي أمام الجرة .. التقطت أنفاسي و شربت بعض الماء و أطرقت برأسي و أنا أتعوذ من الشيطان إلا أني سمعت حثبرة مكتومة خلفي فالتفت إلى مصدر الصوت فوجدته أبوجهل ملقا خلفي و سيفه جانبه وهو ينظر إلى المكان حوله نظرات غاية في الرعب و الخوف .. قمت من مكاني كالمقروص و صرخت في أبو جهل : وش جابك معي الله يلعنك ورى منتب مع ربعك الكديش .. تراجع أبوجهل و الرعب يكتسي كل ذرة من جسده و قال بصوت متحشرج : العفو منك يا صاحب العفو .. قلت له كل تبن بس .. ثم حثبرت قليلا في الصندوق و وجدت عبارة منقوشة في أحد زواياه ( من يلامسك يعود معك ) .. التفت إلى أبوجهل و قلت و الله النكبة الحين وش اسوي بذا العلة وشلون أصرفه ؟؟ ..
أخذت سيف أباجهل و القيت به مع النافذة لا يتعود على الوضع و يقلب علي ، ثم أجلسته أما الجرة جانبي و قلت له : شف يا أبوجهل أنت رجالن علة و أنا دارس في التاريخ انك أقشر أقعد جنبي و لا تحثبر أبحاول أرجعك لزمانك .. خلك ماسك يدي .. و إياني و إياك تقلب علي إلى صرنا هناك فاهم !! .. قال أبوجهل وهو يتحسس جهاز التكييف : لا أبا لي إن عصيت لك أمرا يا أبابس .. و لكن قبل أن نرحل من أين يهب عليكم هذا الهواء البارد !! .. قلت له و أنا أنزل يده مهوب شغلك الله .. تمسك فيني زين و خل اللقافة إذا صرت عند ربعك ..
أدخلت يدي في الجرة و خلطت الحجر قليلا ثم سحبت احدها و أنا أسمي بالله .. لم أكد اخرج حجرا و أقرأ ما نقش به حتى وجدت نفسي واقفا بجانب أبي جهل في إحدى الساحات الحجرية .. تأملت النقش المكتوب على الحجر فوجدته ( روما القديمة .. قبل الميلاد ) قلت في نفسي و الله من زين الحض .. وش جابنا لروما .. إلا أن أبا جهل قطع علي حبل أفكاري قائلا : أين نحن ؟؟ .. قلت له صائقا بعد أن التفت عليه : أنا كم مرة قلت لك أترك عنك اللقافة ؟؟ مهوب شغلك وين حنا فيه و إلا و الله لا أروح و أخليك لحالك .. تعنقد بيدي اباجهل كناية عن تمسكه بي .. فربت على رأسه و قلت له و نعم و الله أبوجهل أبوديه للبقالة إذا سكت .. إلا أنا أباجهل و بدا يشير إلى أرتال من البشر بدأوا يتجمهرون حولنا .. فقال أبوجهل : أنقاتلهم ؟؟ .. قلت له : ورى ما تقصر حسك لا ألعن والديك وش نقاتلهم تكفى ؟؟ .. قطع حواري الراقي مع أبوجهل رجل تقدم من بين الجموع تشع منه الحكمة و الوقار و السكينة و قال لي : أنا فيلسوف روما أرسطو .. و أريد سؤالكم من أنتم ؟؟ .. قلت له و أنا أمد يدي مصافحا : أنا السيد هها بس جاي من زمان يتقدم على زمانكم بثلاثة ألاف سنة .. و هذا أبوجهل عده مهوب موجود ..
كانت ردة فعل أرسطو حكيمة ، فقد عرض علينا الاستضافة في بيته و كأننا جوهرتين لم يكن يحلم بهما ، و بدا يسألني عن زماننا فتحدثت له عن سمات الزمان الذي نعيش فيه ، و نط أبوجهل في نص الحوار قائلا : و لديهم هواء لم يهب علي أبرد منه يخرج من فتحة غريبة الشكل .. فنظرت إلى أباجهل نظرات تحمل رسالة مفادها أن قد فشلتنا فكل تبن و خلك في حالك .. فقال أرسطو سافها أباجهل : و أي الإيماءات بين البشر تسودكم ؟؟ .. قلت لأرسطو متضايقا : و الله يا أرسطو عليك أسئلة بعض الأحيان ما تنفع بريال .. وش إيماءاته تكفى ؟ .. مشينا بس يا أبوجهل .. فقام أرسطو من مكانه و قال : الفضول يعتصرني يا صديقي فخذوني معكم .. فقلت لأرسطو و الله يابن الحلال بلشن باللي عندي تبيني أخذك معي ؟؟ .. فقال أرسطو بحكمته و حلمه المعهود وهو يناقز : أبي أبي أجي معكم تكفىىى .. قلت له مايخالف كودك تلهي ذا العلة أبوجهل .. تمسك في أذانه زين .. و انت يابوجهل اترك قز بنات أرسطو تراي ملاحظك من دخلنا بيته و تعنقد في يدي تراي أبطلع الحصاة الحين .. فأخرجت الحصاة من مخباتي و نخمت بها و ماهي إلا لحظات حتى وجدت نفسي في غرفتي و أرسطو و أباجهل ملقيان خلفي ..
وقف أرسطو بروية و حلم و بدأ يتأمل محتويات غرفتي و قال يبدو أن البشر تعرفوا على الحضارة الحقيقية .. أما ابوجهل فقد سحب يد أرسطو و قال له تعال أوريك الفتحة اللي يجي معها هوا بارد .. فسطرته على مقفاه و قلت له و الله لا اطلع حصاة الحين و أنطلك في يثرب أن ما عقلت .. فسكن أبا جهل و بدأ أرسطو يتأمل محتويات الغرفة و قال لي وهو يشاهد برنامجا في التلفاز : أحروبكم مدمرة لهذا الحد ؟؟ .. قلت له و الله يا أرسطو و أنت رجالن ما يخفى عليك في حرب وحدة راح فيها خمسين مليون .. لا و الحين فيه شي اسمه قنابل نووية تنطلها على مدينة و يفطسون كلهم .. و هنا قام أبوجهل و قال : لعمري إني بسيفي أخضع قريشا كلها .. قلنا له أنا و ارسطو ايه ما يخالف بس اسكت .. و هنا قال أرسطو و الحزن باد من جنبات وجهه : أعدني يابني إلى روما .. فأنتم لم تتعرفوا على الحضارة الحقيقية .. قلت لأرسطو الظاهر أنك تحسبني سواق عند أبوك وش أرجعك لروما تكفى تحسبها سهلة ؟؟ .. تعال بس تمسك في أذان ابوجهل و أنت يا أبوجهل تمسك في يدي أبروح أنطلكم في مكان ثاني و أرجع .. ما بقي على الفجر إلا شوي و أخاف يقوم أبوي و يلقاكم عندي يالدشير .. ففعلا ما طلبته منهم و أخرجت حصاة ..
في وسط ساحة ترابية قد أشعلت نار هائلة وسطها .. ظهرت أنا و أباجهل ممسك بيدي و خلفه أرسطو قد امسك بأذانه كان مكتوبا على الحصاة ( قبائل التوتسي .. قبل خمسمائة سنة ) قال أرسطو وهو يتقدم لهم هؤلاء من كنت أظن وجودهم إنهم أكلي البشر .. قلنا له و أنت مستانس الحين أنك عند أكلي بشر ؟؟ .. ثم همست في أذن أبوجهل .. هذا وقتك يا أبوعكرمة أن طبوا علينا ذا العبيد تلاعن معهم إلين نفرك .. ترى مهيب زينة أرجعك لناديك و أقول لربعك ترى أبوجهل ذبحوه عبيد .. شينة في حقك .. و فعلا فقد تجمع حولنا جمع منهم فسحب اباجهل سيفا قريبا منه و قال الويل لكم أيها الأحباش الأوباش .. و ماهي إلا لحظات حتى بدا القتال بينهم فقلت لأرسطو وش رايك نفرك و نخليه ؟ .. فقال أرسطو خخخخخخخ و الله يا نبي نضحك عليه ضحك .. إلا أن أباجهل أحس بالمقلب فترك القتال و تعنقد في رقبة أرسطو .. و لم تكد النخمة تصل الحصاة حتى هوى أحدهم بالسيف على ظهر أباجهل ..
وجدت نفسي جالسا أمام الجرة و أباجهل و أرسطو و أحد أفراد قبيلة التوتسي ملقيين خلفي .. فقمت من مكاني و أخرجت من دولابي بعض الملابس و ألقيتها في وجه الأفريقي قائلا له : البس الله يفشلك قبل لا يهيم فيك أبوجهل .. ثم التفت على الجماعة و قلت لهم و الله اللي بلشت بكم .. وين أوديكم الحين ؟؟ .. كل شوي زايدين واحد .. فقال أبوجهل و ما شأن ذاك الحبشي لما لا توجه خطابك له ؟؟ .. قلت له هين الحبشي على قولتك وش حليله أبنطله في منفوحة و لاحدن داري عنه أما أنتم وين أوديكم ؟؟ .. تدرون عن شي .. تمسكوا ..
وجدنا أنفسنا أمام محل للحدادة .. كان مكتوبا على الحجر (بغداد .. عهد المأمون ) تجمهر حولنا الناس .. ثم تقدم من بينهم رجل متكبر قال لنا بصلف : هيا إلى الخليفة أيها الأغراب .. قال له أرسطو وش سوينا ؟؟ قال : نتأكد من هوياتكم .. قال له أبا جهل مستلكعا : طيب ياخي كلم العمليات .. إلا أن الرجل ضاق ذرعا .. فأخذنا إلى قصر المأمون بالقوة و دخل بأربعتنا عليه ..
دخلنا إلى مجلس المأمون الزاخر بالجواري الحسان و كان منهمكا في قراءة كتاب على أريكته الوثيرة .. فقال أبوجهل وهو يتقدم إليه قاطعا هدوء المكان : إلينا ببعض الجواري الحسان أيها المغزلجي ( خربها أبوجهل لأنه خابر أنهم مهوب قادرين علينا ) قام حاجب الخليفة إلينا غاضبا و قال هامسا : احترموا مقام الخليفة قامت عصبكم .. فقلت لأبوجهل : هو صادز تراك فشلتنا عند أبوهارون .. فقال أبوجهل : لم أتمالك نفسي أمام جمال و حسن و بهاء تلك الجواري .. ثم استطرد بخبث وهو يشير إلى الافريقي : حمدا لله أنك أعطيت هذا الحبشي لباسا و إلا كان فضحنا عند المأمون .. قطععلينا أرسطو الحوار قائلا : أهذا أحد ملوك العرب يا أبابس .. قلت له أنا و أبوجهل : و الله يا أنت رايق يا أرسطو لعنبوبليسك و حنا رايقين له .. اسألنا عن البنات اللي عنده .. و في هذه الأثناء أغلق المأمون الكتاب الذي كان يقرأه و قام من أريكته و تفحصنا بنظرات ساكنة ثم قال لنا : من أين أتيتم أيها الأغراب ؟؟ .. هم أباجهل بالحديث إلا أننا تليناه مع عمامته و قدمنا أرسطو ليتحدث عنا .. و عندما بدأ أرسطو بالكلام إذ سمعنا صوت صراخ مكتوم أتٍ من خلفنا ، و لما التفت وجدت أباجهل و قد أمسك بجاريتين حسناوين و قد وضع يده على شفتيهما لإلى يصرخا .. فركضت إليه و قلت له صارخا : أتركهن الله يلعنك .. قال أبوجهل وهو يشدد قبضته عليهن : لا أستطيع يا أبابس .. هيا .. هيا أبصق على حجارتك لنعود إلى هناك .. قلت له أقول أتركها الله يفشلك .. قال لي : هذه الحمراء التي أقيدها بيميني قد اخترتها لك .. أما الأخرى فلي .. قلت له ياخي مالك داعي بس دامك ملزم يالله .. يا .. يا أرسطو .. أرسطووو .. يالله و أنا عمك البس نعالك نبي نمشي .. و أنت يالدبشة تعال أنت و شوشتك يالله نبي نمشي قبل لا يلعن خيرنا المأمون .. فتجمعنا نحن الستة و تماسكنا فأخرجت الحجارة من جيبي و بصقت بها و لم يكد يتداركنا حرس الخليفة حتى كنت جالسا على الطاولة و خلفي صحبي ..
عدنا إلى غرفتي .. فسحب أباجهل الجاريتين ليريهما المكيف ( يقاله يتميلح عندهن ) .. فقمت من مكاني و قلت بعصبية الله يلعنك يا أبوجهل .. كل مالها و تزيد نكبتي .. مدري وشلون طعتك يالملعون و سمحت لك تجيب ذا البنات .. الحين وش السوا.. قطعت كلامي و التفت مرعوبا بعد أن سمعت تصميخ بيبان بالخارج .. فالتفت على الجماعة و قلت لهم .. ياحلاااوة كملت .. قام أبوي للصلاة .. يالله .. يالله .. كل واحد يشوف شغله .. توزوا .. و أنت يا أبوجهل اترك البنات .. خلهن يتوزن مع أرسطو .. أنت توز مع الأفريقي .. و لم يكد الجميع يختبئ حتى سمعت قرع الباب .. ففتحته و إذا بوجه والدي الصبوح يصرخ لااااا إلاااااه إلا الله .. اصبحنا و اصبح الملك لله .. اسمع عندك قرقعة تو وش فيه ؟؟ .. قلت له و أنا غاية في الاضطراب : لا ابد الله يسلمك بس كن.. أعطاني أبي الكريم و مربيي الفاضل الأشكل المعتاد و قال لي : يالله .. يالله توض يبي يقيم الحين .. قلت له زين .. و لم يكد يغادر حتى لمح ذاك الصندوق الذي نسيت تخبئته فقال لي من وين لك ذا الصندوق ؟؟ .. قلت له و أنا اجتر الكلمات اجترارا : لقيته في المخزن قلت أجيبه يم.. لم يعطني الوقت للتبرير بعد أن سمع كلمة " مخزن " فدخل بعصبية و قال وهو يسحب الصندوق : أنا كم مرة قلت لكم لاحد ياخذ شي من المخزن .. ثم ذهب إلى غرفته ومعه الصندوق ..
أشرت للجميع أن أخرجوا بسرعة .. ثم ركضنا جميعا نحو الخارج ، فاستقلينا السيارة و شخطت بأقصى سرعتي .. و لما أصبحت في مدى أمن .. ضربت المقود بيدي من شدة القهر و قلت الله ينكب عفشكم .. وش أسوي بكم الحين ؟ .. قال أرسطو : لا تجزع يابني فما بعد الضيق إلا الفرج .. و قال أبوجهل وهو يتأمل أنوار المدينة بحزن بالغ : لا أريد هذه المدينة .. أريد أمية و الوليد و العاص .. أعدني يا أبابس إليهم .. قلت له و أنا أتفل في خشته : و الله من زين الشلة .. كل واحد ألعن من الثاني .. و بعدين وشلون تبيني أرجعك لهم ؟؟ .. تدرون عن شي .. خلوني أدبركم واحد واحد .. أول شي أببدا بالأسهل .. فما كان مني إلا دقيت إشارة و ديورت لأمسك طريق الدائري الجنوبي .. و عندما أصبحت على بعض كيلوات قليلة من منفوحة توقفت بالسيارة ففتح الأفريقي الباب و ترجل من السيارة و إتجه لمنطقة منفوحة راكضا ( أثر كلهم يعرفون دربهم ) .. فقلت الفكة .. الفكككة .. ثم أكملت سيري و قلت لأرسطو إعلم أيها الفيلسوف أن زماننا كويس مافيه شي .. فقال لي : و لكن الشوق يحدوني لشوارع روما و فلاسفتها .. فقلت له الحين روما عاصمة فرنسا و إلا ايطاليا ؟؟ فقال أرسطو لا علم لي بذلك .. فقلت له و الله من زين الفيلسوف .. فالتفت لأبوجهل الذي كان يجلس في المقعد المجاور و يلهوا بالمكيف وقلت له : تدري روما عاصمة أي دولة .. قال أبوجهل : عاصمة الروم .. قلت له لا ياشيخ ؟؟ أقول روما عاصمة فرنسا و إلا إيطاليا ؟؟ جاوب و إلا صكيت المكيف .. قال لي أظنها إيطاليا .. قلت له ممتاز .. فسرت بضع دقائق ثمن توقفت بالسيارة .. و قلت لأرسطو حول .. قال لي بملامح مشدوهة و أين تريدني أن أذهب ؟؟ .. قلت له مهوب شغلي هذي سفارة ايطاليا هم يدبرونك .. يالله حول .. قال لي و لكني أريد روما قبل ثلاث الاف سنة .. قلت له لا تشغلني يا أرسطو أنت و روما أنت اللي مبحلنا تقول أبجي معكم ما غصبناك تجي معنا .. صح و إلا لا يا أبوجهل .. قال أبوجهل صدقت و اللات .. ثم قلت له : و بعدين ياخي ذا الدولة عاصمتها روما رح لمهم وهم يدبرونك .. فقال أرسطو منيب نازل ( خربها الفيلسوف ) .. فما كان من أبوجهل إلا أن نزل و فتح باب أرسطو و تله من عتراه و نطله أمام السفارة ..
عاد أبوجهل إلى مقعده و قال وهو يفرك بيديه و الحماس باد على محياه .. هاهاهاهاها لم يبقى إلا أنا و أنت و الجاريتين يا أبابس أتعلم لنا ناد نحتسي به الخمر قبل مضاجعة الجاريتين ؟؟ .. قلت له ايه فيه نادي بودي ماستر أن كانك تبيه .. و الله من زين العلوم يا أبوجهل .. من وين نجيب لك نادي فيه خمر .. فقال وهو يلتفت للفتاتين مبتسما : لا يهم يا أبابس .. خذني إلى أي مكان ما دامتا تلك الحسناوتين معنا .. فقلت له : ما طلبت إلا عزك يا أبوجهل .. و ماهي إلا دقائق معدودة حتى قلت لأبي جهل انزل معي .. فقال لي و الجاريتين .. قلت له ما عليك منهن الحين نجيبهن بس أنت تعال معي .. فترجل أبوجهل من السيارة و دخلت به مبنى هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالعليا و قلت لهم أن هذا أبوجهل اللي مبهذل بالمسلمين منول لا و تراه تو قاعد يغازل .. فقال مدير القسم : يغازل الخبيث !! .. فقال أبوجهل يقاله يبي يخلص نفسه و اللات و العزى إن اقترب مني أحدكم أن يأتيكم صناديد قريش ركبنا ليقطعوا لحومكم .. فقاله مدير القسم : كملت ياعدو الله .. ثم إستطرد موجها حديثه لي : جزاك الله خير يا أبوبس .. بمثلك تنهض الأمة و تسود .. بامكانك الرحيل يا رعاك الله .. فقلت له و أنا حول ما أصيح جزاك الله خير ثمن رجعت لسيارتي اللي موقفها بعيد و قلت للجواري دييييييي .. عسى ما تأخرتعليكن ؟؟ .. فقالت لي وحدة منهن : لا و لكنا نشعر بالوحشة .. فقلت لها : باسم الله على قليبتس .. خلاص أبوجهل الماصل فكنا الله منه .. الحين نروح لاستراحتنا نوسع صدورنا .. تعالي انت و اياها اركبوا قدام ترى ورى حر ..
فديورت و رحت للاستراحة .. و لقيتها فاضية مافيها أحد .. فقلت في نفسي تمام التمام .. اليوم يالله لك الحمد متكامل الحظ .. فنزلت أنا و الجواري للاستراحة ثمن قلت لهم أحتروني نص ساعة أبجيب لنا فطور .. و عقب نص ساعة دخلت عليهن و معي صحن كبدة و فول و تميسة مقرضها .. و أفطرنا و عينا من الله خير .. و ولعنا الراس .. و يوم قمت أقفل الباب و إلاني أشوف حقين اللهيئة محاصرين الغرفة و معهم أبوجهل يبتسم
الفائدة من القصة : إذا مشيت في الشارع أنتبه لحفر الصرف الصحي ..
________________________________________
الحياااااة مبدأ...