خجل الاطفال
تتساءلين أحياناً عن سبب تصرف طفلك بشكل مثير للاستغراب عندما يحدثه أحدهم، أو عندما يكون موجوداً في مكان عام، أو وسط مجموعة من الأقارب والأصدقاء، فتظنين أنه يتعمد إحراجك، لكنه في الواقع قد يكون طفلك يشعر بالخجل الشديد.
من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالخجل غير أن هناك من يتحول خجله إلى نوع من المرض المزمن، الذي يؤثر سلباً في علاقاته الاجتماعية وحياته المدرسية والعائلية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا:هل يمكن اعتبار الخجل أمراً متوارثاً، أم أنه ناتج عن أسلوب التربية أو عوامل أخرى؟
يختبر الطفل في عمر السنتين معنى الشعور بالإحراج والخجل نتيجة وعيه مسألة تحوله إلى محط أنظار الآخرين وهو ما يجعله يسعى إلى معرفة رأيهم عنه هنا تتضح له صورة (ذاته) كما يراها الآخرون فينتابه القلق والتوتر وقد تؤثر بعض العوامل الخارجية التي تظهر أثناء نموه في زيادة حدة الشعور بالخجل، الذي قد يقف أحياناً عائقاً أمام سعادة الطفل الذاتية.
انطلاقاً من هذه الحالة، وجب على الأهل تعليم أطفالهم كيفية التغلب على الشعور بالخجل والإحراج بدلاً من تجاهل الموضوع، لأن هذه المسألة واقعية وحقيقية ولا يوجد دواء أو وسيلة ما تحصن الأطفال ضد هذا الشعور.
سن السنتين أول اختبار للخجل
صحيح أن ثمة أطفال في سن السنتين أو سنة ونصف يتمتعون بجرأة التحدث أمام الغرباء ويعشقون فكرة أن يكونوا محور الاهتمام من قبل الجميع، إلا أن هناك من هم في السن ذاتها يكرهون هذا الأمر، ولا يحبذون بتاتاً فكرة أن يكونوا موضع اهتمام أو أن يجذبوا انتباه الآخرين عندما يؤدون فعلاً ما أو يتفوهون بأمر مثير للضحك غالباً ما يعبر الطفل عن خجله من هذه المرحلة العمرية من خلال الغضب والعدائية ورفض التعاون أو الانصياع إلى أهله، لاحظ الخبراء أن الأطفال الذين عانوا الخجل في سن السنتين يميلون أكثر من غيرهم لأن يكونوا حساسين وخجولين في مرحلة لاحقة وقد يعاني بعضهم مشكلات عدة بينها قلة الثقة بالذات.
* إذا بدأ طفلك يعي أهمية ذاته، وينتبه إلى مسألة رأي الآخرين فيه حاولي في كل مرة يمر بمثل هذه التجربة أن توجهي انتباهه إلى موضوع آخر بأسرع وقت ممكن، اطلبي منه مثلاً أن يجلب لعبته المفضلة أو أن يحدثك عن رسوماته من المهم جداً أن تنسيه الوضع الذي يسبب له إحراجاً ولا تنتظري منه أن يكون محور اهتمام الغير، إذا كان لا يرغب في ذلك، بل تقبلي مشاعره وعدم ارتياحه لمثل هذه الأمور من طمأنته وتفهمك رغبته، وقولي له: (أنا أتفهم جيداً عدم رغبتك في القيام بذلك) في حال كان طفلك سريع الخجل، حاولي قدر المستطاع تفادي الظروف التي يمكن أن تحرجه أو تظهر خجله فلا تطلبي منه أن يغني أغنيته المفضلة أو أن يؤدي إحدى حركاته الرياضية أمام الأقرباء.
كيان مستقل
* يخجل الطفل بين سن 3-5 سنوات من آراء الآخرين فيه، مع بدء الطفل في تقويم آراء الآخرين تجاهه والانتباه إلى ذاته ككيان مستقل، قد يختبر معنى الشعور بالخجل حيال هذه المسألة وتحديداً حيال كيفية نظرة الآخرين إليه، هذا الشعور المحرج قد يؤثر في عملية اكتسابه مهارات التواصل مع الآخرين، ويتجلى هذا الأمر من خلال رفضه مشاركة أقرانه اللعب أو الذهاب في زيارة عائلية أو التصرف بسذاجة بحيث يصبح مهرج الصف.
في هذه الحالة عليك أن تحترمي مشاعر طفلك الكامنة وراء هذه التصرفات وأن تأخذيها على محل الجد من المهم جداً ألا يحبطك هذا الموضوع وأن تحافظي على رباطة جأشك إذا تصرف طفلك كمهرج عليك أن تتقبلي الأمر وتحاولي استيعاب ما يفعله قولي له: أنا أفهم جيداً سبب تحدثك بهذه الطريقة أو (من أين جاء هذا الصوت المضحك؟) لربما كانت هذه طريقته الوحيدة لإيصال الرسالة إليك بأنه يشعر بالخجل.
حاولي دوماً أن تحترمي مشاعره وتقدري رغباته فإذا اعتدت أن تتحدثي عن طفلك وأعماله ومغامراته وأدائه الأكاديمي أمام أصدقائك وفي ظل وجوده معك، أي على مسمعه حاولي من الآن وصاعداً أن تسأليه إذا ما كان يسمح لك بأخبار الآخرين بهذه الأمور.
* الاختلاف سبب خجل الطفل بين سن 6 - و9 سنوات، يبدأ الطفل في هذه السن في الشعور بالحرج أو الخجل لكونه مغايراً أو مختلفاً عن الآخرين قد يشعر الطفل بالخجل مثلاً إذا كان يضع نظارات طبية أو كان أقصر من أقرانه، أو أطول منهم، أي اختلاف بسيط يمكن أن يسببه الإحراج من المهم جداً أن يختبر الطفل بالشعور بالخجل أو الإخراج نتيجة وجود هذه الاختلافات لأن ذلك يعتبر جزءاً أساسياً من هويته وتحديد شخصيته: (من يكون أو لا يكون).
* التغيرات الجسدية مصدر إحراج للطفل بين سن السنوات العشر وما فوق: يشهد جسم الطفل في مرحلة البلوغ تغيراً كبيراً.
من المهم في هذه الحالة أن تطلبي من أقاربك عدم الإدلاء بأي تعليق على التغيرات الجسدية التي يشهدها طفلك حتى ولو كان من باب التعبير عن إعجابهم بسمة من سماته الجديدة.