مزاجك اليوم
كنت أتصفح أحد المواقع و وجدت هذا المقال الرائع للكاتب الفلسطيني جهاد الخازن
ذهبت الى الرياض صحافياً «غلباناً» وعدت الى لندن وأنا شريك الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لم تكن الشراكة بنت ساعتها، وإنما استغرقت «المفاوضات» عليها سنة، ففي المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) السنة الماضية، كنا نسلّم على الملك وهو يستقبل ضيوف المهرجان، وأمامي الصديق جورج قرداحي، فقال له الملك: متى ستربحني المليون ريال؟ وردّ جورج: انا سأربحك عشرة ملايين، إشارة الى برنامجه «القوة العاشرة». وقلت للملك: اتركها عليّ.
هذه السنة كنت أتقدم جورج قرداحي في السلام على الملك وقلت له ان جورج وعدني بأن يدبر له الفوز بجائزة المليون، وابتسم الملك وقال لي مع إشارة بيده «نصْ بنصْ». واستدرتُ الى جورج وسألته هل سمع ما قال الملك عبدالله، وقال انه سمع، وخرجتُ من القاعة وأنا شريك الملك «فيفتي فيفتي» كما يقولون بالإنكليزية.
السنة الماضية اتصل جورج بالأخ وليد البراهيم وطلب منه ان يرسل إليه بسرعة مليون ريال. وعندما سأله رئيس تلفزيون إم بي سي عن السبب، حكى له الحديث مع الملك وضحكنا جميعاً.
هذه المرة انتقلنا بعد الاستقبال الى صالة الطعام، وجلست قرب رأس مائدة أمام الملك وكبار الضيوف، والملك عبدالله أشار إليّ مرتين وهو يبتسم وحركة يده تعني «نص بنص»، وكان جورج قرداحي الى جانبي ويرى حركة الملك لتأكيد ان الشراكة، أو الشركة، نهائية.
وكلمة جد، فقد أومأ إليّ الملك بيده وذهبت إليه فقال لي ان رجلين أجنبيين جالسين بقربي هما من الفريق الطبي الذي أجرى له العملية الجراحية في الظهر قبل حوالى أربعة أشهر في نيويورك، وطلب أن أهتم بهما.
الطبيبان كانا لورنس كاتز وبيتر انجيفين، ووجدت الفرصة سانحة وسألتهما عن صحة الملك بعد العملية، وهما أكدا لي نجاحها الكامل، وقالا إن تعافي الملك كان سريعاً، وكما يُنتظر من رجل أصغر منه سناً بعشرين سنة.
والطبيبان أكدا لي ان الملك عبدالله لا يتلقى الآن اي علاج أو دواء له علاقة بالعملية، وأن كل ما يفعلان هو مراقبة صور الأشعة.
وخرجتُ من الغداء واتصلتُ فوراً بالأمير خالد بن سلطان، ناشر جريدتنا «الحياة»، وبلّغته ما قال لي الطبيبان الأميركيان عن صحة الملك، ما أسعده. وكنت اتصلتُ بالأمير خالد ثلاث مرات في أربعة أيام وأنا في الرياض ووجدته في كل مرة وهو في مدينة مختلفة، وكأنه مكلَّف إجراء إحصاء لسكان المملكة العربية السعودية، فهو منذ أصبح مساعد وزير الدفاع مشغول بأمور الوزارة، ما لا يترك له وقتاً لأي اهتمام آخر، مع انه كان في السابق يتابع عملنا في «الحياة»، وكأنه ورث الميول الصحافية عن عمّه الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير الرياض، ويريد ان يشاركنا في التحرير. أعترف بأن وزارة الدفاع أهم من جريدة، حتى لو كانت «الحياة»، ولا أقول سوى المثل «ادعي لصاحبك بالسعادة بتخسرو»، وهذا مع انني وعدتُ الأمير خالد بأن أتركه يفوز في مباراتنا القادمة بطاولة الزهر.
افتتاح مهرجان الجنادرية في دورته السادسة والعشرين هذه السنة شابه حزن، فقد كنّا في طريقنا الى القاعة الكبيرة لحضور اوبريت «فرحة وطن» عندما أُعلِن نبأ وفاة الأميرة صيتة، أخت الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وغاب الملك وضيفه الملك حمد بن عيسى وكبار الأمراء والضيوف، وناب عنه في الافتتاح المختصر الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، رئيس الحرس الوطني.
وكالعادة، وجدتُ الشيخ عبد المحسن بن عبدالعزيز التويجري، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد ونائب رئيس المهرجان، وكأنه «أبو العروس» وهو يسعى بين الضيوف ويحاول أن يجعل كلاً منهم يشعر وكأنه في بيته وبين أهله.
الصحف نقلت تفاصيل جلسات المهرجان، فلا أكرر شيئاً منشوراً، وإنما أقول إن المؤتمرات الكبيرة، مع تعدد جلسات الحوار والنقاش فيها، توفر لكل مشارك فرصة الاستماع الى مواضيع قريبة الى قلبه، كما انها تجمعه مع اصدقاء وتفتح له فرصة التعارف مع مفكرين ومثقفين جدد ومسؤولين ونشطين وغيرهم.
في غضون ذلك، أفكر في طرح الشراكة مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أو الشركة، في اكتتاب عام لأقبر الفقر الذي قال الإمام علي إنه لو كان رجلاً لقتله. وإذا فعلت فما على القارئ الذي يريد التواصل معي سوى أن يكلم سكرتيرة سكرتيرتي، ثم أفكر إن كنت سأرد عليه.
almaistru
حمـ hawiـودي
حمـ hawiـودي