ايام العيد...
بقلم: محمد عمرو
[COLOR=red] ( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى ) [/COLOR]
قالوا لي: الا تريد ان تكتب لنا شيئا في العيد...؟ قلت: بلى و لكني لم افلح في اتمام القصة قبل نهاية ايام العيد يا لي من كسول...
اجلس الآن في الصيدلية و امامي شاشة (لابتوبي) الصغيرة... و اصابعي تتنقل مسرعة على ازرار لوحة المفاتيح احيانا و احيانا تنتقل على مهلها... ان جاءتني الكلمات و الجمل و الافكار مسرعة فان اصابعي تسرع و ان تمهلت اتمهل... لكني في المحصلة لست سريعا في الكتابة... ما زلت ابحث عن الحروف و انظر الى لوحة المفاتيح و لا انظر الى الشاشة... انا بحاجة الى دورة في الطباعة حتى اصير كسكرتيرة ماهرة تنظر الى الشاشة فقط و لا تبحث عن الحروف على لوحة المفاتيح اصابعها يحفظن مواقع الحروف و لا يحتجن الى مساعدة عينيها...
ما علينا...
اجلس في الصيدلية في مساء يوم السبت الذي يلي ايام عيد الاضحى الاربع مباشرة... لاكتب ايام العيد الماضية واكتب افكارا لها علاقة بالعيد... يقطع علي كتابتي زبائن الصيدلية... زبون يدخل و خر يخرج... ابيعه بسرة واعاود الجلوس امام الشاشة الصيغيرة متابعا الكتابة...
يا لي من كسول مرة اخرى... (قال) اجلس في الصيدلية لاكتب ولا اجلس لاتدرب... معطيا الجزء الاكبر من تركيزي للكتابة و الجزء الاصغر للتدريب على الاقل هذا ما افعله في هذا المساء (مازلت طالبا في كلية الصيدلة متدربا في سنتي الاخيرة)... والمشكلة ان زبائن الصيدلية _ سامحهم الله _ ينسونني جملة استحسنتها كنت ساكتبها...
بدات كتابة المقال في ليلة عيد الفطر الماضي وكنت متحفزا لانهاء كتابته... جلست للكتابة في تلك الليلة (ربما كانت الساعة التاسعة مساء) و كنت استجمع افكارا عن العيد و الخصها و انظمها و كنت انوي ان لا انام ليلتي تلك الا بعد انهاء المقال فشربت كوب قهوة كبيرا و ساخنا ليساعدني على البقاء مستيقظا... كنت حريصا ان يكون الكوب ساخنا لاني سمعت "ان القهوة الساخنة هي التي تنبه الجهاز العصبي اما الباردة فلا تجدي نفعا و لا تنبه الجسم"
كنت اريد ان ابقى سهرانا ولم اكن اريد ان انام في تلك الليلة وكنت اقول سانام بعد صلاة العيد... و لكن نومي غلبني ونمت قبل موعد صلاة العيد بساعة واحدة... وجاءت افكار الصلاة لتوقظني بعدما امضيت نصف ساعة في النوم وكانت افكارا قوية وكانت حريصة على ايقاظي لاصلي العيد... فمبررات النهوض اقوى و فيها مغانم كثيرة... صلاة العيد في هذا اليوم كانت مهمة جدا بالنسبة لي...
افكاري تقول لي: هيا قم بسرعة لتصلي... صلاة العيد في يوم الجمعة تسقط عنك صلاة الجمعة و صلاة الظهر ايضا وفقا لاحد المذاهب الفقهية... وتقول لي ايضا: لا بد ان تصلي هذا اليوم لترى انطباع الناس و تفاعلهم في يوم عيدهم والا كيف ستكتب انطباعات لم ترها... هيا قم... ولكني نعسان الى درجة النعاس الشديد...
استيقظ...؟ لا استيقظ...؟
بقي الصراع الى ما قبل الصلاة بربع ساعة... انتصرت على النوم... و نهضت مسرعا و لبست ملابسي و وضعت (عدساتي اللاصقة) على عيني... و توضات و غسلت شعري و وضعت عليه (جلا) و لبست حذائي و جهزت كل اشيائي بسرعة قياسية... كل ذلك استغرق مني خمس دقائق فقط... و انطلقت اطلب المسجد مسرعا... لكن المسجد بعيد و يحتاج مني ربع ساعة لاصل اليه سيرا على قدمي و انا لا املك سوى عشر دقائق كنت خائفا ان تفوتني صلاتي... فقلت: اركض... فركضت و ركضت...
ادركتني سيارة اقلتني الى مسجدي في ثلث الطريق الاخير... وصلت اخيرا و الشيخ في تكبيرته الثالثة من الركعة الاولى والتحقت بالمصلين و انا بالكاد التقط انفاسي... جلست بعدها استمع الى خطبة الشيخ... استمع الى نص خطبته المعهود الذي اعاده علينا مرات ومرات في الاعياد السابقة فالتكرار يعلمنا... يابى ان يغير فيه كلمة واحدة... انهى خطبته بقوله ان شهر رمضان كان انتصار منا على شهواتنا و الذي ينتصر على شهواته يستطيع ان ينتصر على عدوه بسهولة ويسر...
فسالت نفسي ما بالنا ننتصر على شهواتنا في كل رمضان و عدونا ما زال مكانه ينتظر من ينتصر عليه...؟ ام ان الانتصار على العدو يحتاج الى اكثر من الانتصار على الشهوات... مثلا يحتاج الى تخطيط و تدبير...؟ او ان الناس لا ينتصرون على شهواتهم حق الانتصار ولا يحققون اهداف الصيام لذلك لا ينتصرون على عدوهم...؟
نزلت من المسجد و رافقت اخي الصغير الذي بدا متبرما من خطبة الشيخ منتقدا اياها... في طريق عودتنا الى بيتنا رايت نسوة باكيات يزرن موتاهن و يملان مقبرة مررنا بها و اطفالا يجمعون حلوى خلفتها النسوة على القبور... و انا عائد الى بيتي رايت ايضا فلاحا يرعى اغنامه في صباح يوم العيد و يغني لهن فقلت ما شاء الله هذا الرجل (معيد) مع اغنامه يسلم عليهن و يقول لهن: كل عام و انتن بخير يا (غنماتي) فيرددن عليه تهنئته قائلات: (ماع ماع)...
وصلنا بيتنا و اكلنا تينا لذيذا من النوع الكبير يسمونه (سباعي) عن شجرة لنا خلف منزلنا... قبلت يد امي و قبلت يد ابي وقلت لهما كل عام وأنتما بخير...
لم انه كتابة المقال في تلك الليلة... وانتهت ايام عيد الفطر ولم ينتهي مقالي... لا ادري ما الذي قلل شهيتي لانجاز افكار المقال... ووجدتني اؤجل الموضوع و اقول ما رايي ان اتركه الى عيد الضحى واضع له نهايته في نهاية عيد الاضحى... فاستحسنت رايي ووافقت على الاقتراح الذي قدمته لنفسي وتركت باب المقال مفتوحا الى عيد الضحى...
ربما انا صرت هكذا... (وكيف صرت هكذا...؟) صرت لا اتعجل كتابة مناسبة امر بها و تمر بي للمرة الاولى و انا في حالة الكتابة... اعيادي السابقة مرت علي و لم اكن اكتب... فصرت اقول لا اريد ان اكتب انطباعا اوليا فاجلت الموضوع قليلا لعلي استجمع خبرة اقوى و افكارا اقوى... وهكذا فعلت بنتائج التوجيهي هذه السنة كنت اريد ان اكتب شيئا له علاقة بطالب التوجي لكني اجلت انهاء الموضوع ايضا حتى ازداد فيه خبرة... وفي يوم ميلادي اردت ان اكتب مقالا عنوانه (22) فاجلت الموضوع ثالثة و قلت ساكتب بعد سنة مقالا عنوانه (23)
و لقد (طنشت) الساعة الآن و انتقلت الى بيتى مفارقا الصيدلية لاكمل الحكاية...
نمت في ليلة عيد الاضحى نوما جيدا و لم اسهر و لم اشرب قهوة و لكني بقيت مستغرقا في النوم الى ما بعد صلاة العيد و فاتتني صلاة العيد هذه المرة... انتهت ايام عيد الاضحى ايضا... كنت حريصا في ايام العيد الماضية ان اراقب تصرفات الناس بدقة و اسمع تعبيرات نفوسهم و انفعالاتهم...
وجدتهم يقولون بصوت واحد (ليس للعيد بهجة) وجتهم يجمعون على هذه الجملة...
طيب لماذا (ليس للعيد بهجة)...؟
لماذا هذا التشاؤم...؟ و العيد وجد ليعطي الناس دفعات من التفاؤل و ليشحن نفوسهم بالامل و الفرح و الحب... يعني (ليش هيك بصير معنا...؟) وجدت نفسي حزينة في ليلة العيد... لماذا...؟ في الليلة التي لم انمها و في الليلة التي نمتها... لماذا...؟
العيد...
ما هو العيد...؟ ما معنى العيد...؟
كنت اتساءل في ليلة العيد و اقول ماذا سافعل غدا كي اشعر ان العيد له معنى... و انه مختلف عن ايامنا العادية...؟ لا بد لنا من اشياء نفعلها تجعل للعيد معنى... ربما هذه التساؤلات التي تركتني سهرانا اول مرة ابحث لها عن اجابات و لكني نمت دون ان اجد اجابة...
الاطفال الصغار ماذا يعني لهم العيد و الاطفال الكبار مثلى انا ماذا يعني لهم العيد...؟ هل هو ان يرتدي الاطفال ملابسا جديدة و يلعبون بالعابهم...؟ ام هو ان نشوي لحما في صباحه و نعيش اجواء الشواء...؟ ام هو ان يصل الناس ارحامهم و ان يدفعوا للنساء (عيديات) كما يسمونها مستثقلين منها... و كان صلة الرحم صارت عبئا ثقيلا مكلفا...؟ ماذا يعني العيد للنساء المتزوجات اللواتي ينتظرن زيارة اهلهن هل زيارة الاهل لانثى متزوجة عيد...؟
ربما العمل الوحيد الذي شعرت ان له معنا هو اني قبلت يد امي و يد ابي و هنأتهم بالعيد... ربما هو تصرف يحمل معه جمالا وصدقا... العيد عندنا لا يعني الا اجازة نرتاح فيها من اعمالنا لمدة اسبوع و نزداد فيها نوما...
لماذا اتكلم هذا الكلام...؟ هل لازيد الناس تشاؤما و ازيد واقعنا شحوبا...؟ لماذا لا اتكلم كلاما مبشرا و مفرحا واعطي الناس املا وشيئا من التفاؤل و اخدرهم بتفاؤل كاذب...؟ لماذا لا افعل ذلك...؟ ربما انا اختار دائما ان اصارح نفسي بالحقائق المحزنة علنا نتنبه لمرضنا واذا تنبهتا علنا نبحث لنا عن علاج...
هل اظن اني في العيد ساحصل على السعادة...؟ و اريد ان اصل الى قمة السعادة... فنحن نربط مناسبة العيد بمفهوم السعادة... لماذا اضخم الموضوع كثيرا...؟ لماذا لا اقول ان للعيد نشاطات و افعال و عادات يقوم الناس بها و واجبات يؤدونها كاي واجبات...؟
هل يفقد العيد معناه و قيمته عند اناس اذلاء...؟ نحن اذلاء حقا حتى لو كابرنا و تغنينا بشعارات ضخمة يبقى الذل مغلفا لحياتنا و عنوانا لها... ذل يجعل لاصغر جندي يهودي قيمة تفوق اكبر زعيم عندنا... ترى المراهق اليهودي ببذلته العسكرية مصوبا بندقيته نحو رؤسنا على الحاجز العسكري ليقول لنا انتم تمرون من امامي صباح مساء بارادتي و لو شئت عطلت حياتكم لاتسلى...
طيب بقية العرب و المسلمين ليس لديهم مراهقا يهوديا مع ذلك اعيادهم شاحبة ايضا... نفوسهم مهزومة ايضا يا صيقي... و كلهم يتبعون ذيل المنتصر... و هل لمن يتبع الذيل عيد...؟ العيد عيد النفس و الفرحة فرحة النفس... الفرحة لا تصنعها اشياء مادية و لا تصنعها العاب نتسلى بها و لا مدينة ملاهي نزورها و لا رحلات استجمام نقوم بها... هل للمهزوم عيد...؟ و هل للجبان عيد...؟
المهزوم ايامه تفقد قيمتها... العيد فيه معاني النصر و العيد للمنتصر و ليس للمهزوم... العزة تعطينا فرحة لكن من اين ياتي المهزوم بعزة... هل يصطنعها...؟ القوي و العزيز و الغني و الممتطور و المتقدم هو الذي يفرح...
العيد موعد و تاريخ يمر بنا كل سنة مرتين... مناسبة العيد تمر بنا لكن معانيه غائبة عنا من سنين طويلة... نحن تماما كطالب توجيهي راسب خارج الى الشارع و صار يقول للناس اني (فرحان فرحان فرحان) فقال له الناس عجبا لامرك ولماذا تفرح...؟ قال لهم: الا تعلمون ان اليوم هو اعلان النتائج... كيف لطالب التوجيهي ان يفرح يوم اعلان النتائج و قد جاءه كتابه من وراء ظهره... كيف للراسب ان يفرح يوم اعلان النجاح...؟
العيد مناسبة تمر بنا كل سنة دون ان نهيء انفسنا للفرح... اننا لم نجهز انفسنا لها... للفرحة شروط و شروط الفرحة هي شروط النصر ان حققناها فرحنا و ان لم نحققها لم نفرح...
منقول
بقلم: محمد عمرو
[COLOR=red] ( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى ) [/COLOR]
قالوا لي: الا تريد ان تكتب لنا شيئا في العيد...؟ قلت: بلى و لكني لم افلح في اتمام القصة قبل نهاية ايام العيد يا لي من كسول...
اجلس الآن في الصيدلية و امامي شاشة (لابتوبي) الصغيرة... و اصابعي تتنقل مسرعة على ازرار لوحة المفاتيح احيانا و احيانا تنتقل على مهلها... ان جاءتني الكلمات و الجمل و الافكار مسرعة فان اصابعي تسرع و ان تمهلت اتمهل... لكني في المحصلة لست سريعا في الكتابة... ما زلت ابحث عن الحروف و انظر الى لوحة المفاتيح و لا انظر الى الشاشة... انا بحاجة الى دورة في الطباعة حتى اصير كسكرتيرة ماهرة تنظر الى الشاشة فقط و لا تبحث عن الحروف على لوحة المفاتيح اصابعها يحفظن مواقع الحروف و لا يحتجن الى مساعدة عينيها...
ما علينا...
اجلس في الصيدلية في مساء يوم السبت الذي يلي ايام عيد الاضحى الاربع مباشرة... لاكتب ايام العيد الماضية واكتب افكارا لها علاقة بالعيد... يقطع علي كتابتي زبائن الصيدلية... زبون يدخل و خر يخرج... ابيعه بسرة واعاود الجلوس امام الشاشة الصيغيرة متابعا الكتابة...
يا لي من كسول مرة اخرى... (قال) اجلس في الصيدلية لاكتب ولا اجلس لاتدرب... معطيا الجزء الاكبر من تركيزي للكتابة و الجزء الاصغر للتدريب على الاقل هذا ما افعله في هذا المساء (مازلت طالبا في كلية الصيدلة متدربا في سنتي الاخيرة)... والمشكلة ان زبائن الصيدلية _ سامحهم الله _ ينسونني جملة استحسنتها كنت ساكتبها...
بدات كتابة المقال في ليلة عيد الفطر الماضي وكنت متحفزا لانهاء كتابته... جلست للكتابة في تلك الليلة (ربما كانت الساعة التاسعة مساء) و كنت استجمع افكارا عن العيد و الخصها و انظمها و كنت انوي ان لا انام ليلتي تلك الا بعد انهاء المقال فشربت كوب قهوة كبيرا و ساخنا ليساعدني على البقاء مستيقظا... كنت حريصا ان يكون الكوب ساخنا لاني سمعت "ان القهوة الساخنة هي التي تنبه الجهاز العصبي اما الباردة فلا تجدي نفعا و لا تنبه الجسم"
كنت اريد ان ابقى سهرانا ولم اكن اريد ان انام في تلك الليلة وكنت اقول سانام بعد صلاة العيد... و لكن نومي غلبني ونمت قبل موعد صلاة العيد بساعة واحدة... وجاءت افكار الصلاة لتوقظني بعدما امضيت نصف ساعة في النوم وكانت افكارا قوية وكانت حريصة على ايقاظي لاصلي العيد... فمبررات النهوض اقوى و فيها مغانم كثيرة... صلاة العيد في هذا اليوم كانت مهمة جدا بالنسبة لي...
افكاري تقول لي: هيا قم بسرعة لتصلي... صلاة العيد في يوم الجمعة تسقط عنك صلاة الجمعة و صلاة الظهر ايضا وفقا لاحد المذاهب الفقهية... وتقول لي ايضا: لا بد ان تصلي هذا اليوم لترى انطباع الناس و تفاعلهم في يوم عيدهم والا كيف ستكتب انطباعات لم ترها... هيا قم... ولكني نعسان الى درجة النعاس الشديد...
استيقظ...؟ لا استيقظ...؟
بقي الصراع الى ما قبل الصلاة بربع ساعة... انتصرت على النوم... و نهضت مسرعا و لبست ملابسي و وضعت (عدساتي اللاصقة) على عيني... و توضات و غسلت شعري و وضعت عليه (جلا) و لبست حذائي و جهزت كل اشيائي بسرعة قياسية... كل ذلك استغرق مني خمس دقائق فقط... و انطلقت اطلب المسجد مسرعا... لكن المسجد بعيد و يحتاج مني ربع ساعة لاصل اليه سيرا على قدمي و انا لا املك سوى عشر دقائق كنت خائفا ان تفوتني صلاتي... فقلت: اركض... فركضت و ركضت...
ادركتني سيارة اقلتني الى مسجدي في ثلث الطريق الاخير... وصلت اخيرا و الشيخ في تكبيرته الثالثة من الركعة الاولى والتحقت بالمصلين و انا بالكاد التقط انفاسي... جلست بعدها استمع الى خطبة الشيخ... استمع الى نص خطبته المعهود الذي اعاده علينا مرات ومرات في الاعياد السابقة فالتكرار يعلمنا... يابى ان يغير فيه كلمة واحدة... انهى خطبته بقوله ان شهر رمضان كان انتصار منا على شهواتنا و الذي ينتصر على شهواته يستطيع ان ينتصر على عدوه بسهولة ويسر...
فسالت نفسي ما بالنا ننتصر على شهواتنا في كل رمضان و عدونا ما زال مكانه ينتظر من ينتصر عليه...؟ ام ان الانتصار على العدو يحتاج الى اكثر من الانتصار على الشهوات... مثلا يحتاج الى تخطيط و تدبير...؟ او ان الناس لا ينتصرون على شهواتهم حق الانتصار ولا يحققون اهداف الصيام لذلك لا ينتصرون على عدوهم...؟
نزلت من المسجد و رافقت اخي الصغير الذي بدا متبرما من خطبة الشيخ منتقدا اياها... في طريق عودتنا الى بيتنا رايت نسوة باكيات يزرن موتاهن و يملان مقبرة مررنا بها و اطفالا يجمعون حلوى خلفتها النسوة على القبور... و انا عائد الى بيتي رايت ايضا فلاحا يرعى اغنامه في صباح يوم العيد و يغني لهن فقلت ما شاء الله هذا الرجل (معيد) مع اغنامه يسلم عليهن و يقول لهن: كل عام و انتن بخير يا (غنماتي) فيرددن عليه تهنئته قائلات: (ماع ماع)...
وصلنا بيتنا و اكلنا تينا لذيذا من النوع الكبير يسمونه (سباعي) عن شجرة لنا خلف منزلنا... قبلت يد امي و قبلت يد ابي وقلت لهما كل عام وأنتما بخير...
لم انه كتابة المقال في تلك الليلة... وانتهت ايام عيد الفطر ولم ينتهي مقالي... لا ادري ما الذي قلل شهيتي لانجاز افكار المقال... ووجدتني اؤجل الموضوع و اقول ما رايي ان اتركه الى عيد الضحى واضع له نهايته في نهاية عيد الاضحى... فاستحسنت رايي ووافقت على الاقتراح الذي قدمته لنفسي وتركت باب المقال مفتوحا الى عيد الضحى...
ربما انا صرت هكذا... (وكيف صرت هكذا...؟) صرت لا اتعجل كتابة مناسبة امر بها و تمر بي للمرة الاولى و انا في حالة الكتابة... اعيادي السابقة مرت علي و لم اكن اكتب... فصرت اقول لا اريد ان اكتب انطباعا اوليا فاجلت الموضوع قليلا لعلي استجمع خبرة اقوى و افكارا اقوى... وهكذا فعلت بنتائج التوجيهي هذه السنة كنت اريد ان اكتب شيئا له علاقة بطالب التوجي لكني اجلت انهاء الموضوع ايضا حتى ازداد فيه خبرة... وفي يوم ميلادي اردت ان اكتب مقالا عنوانه (22) فاجلت الموضوع ثالثة و قلت ساكتب بعد سنة مقالا عنوانه (23)
و لقد (طنشت) الساعة الآن و انتقلت الى بيتى مفارقا الصيدلية لاكمل الحكاية...
نمت في ليلة عيد الاضحى نوما جيدا و لم اسهر و لم اشرب قهوة و لكني بقيت مستغرقا في النوم الى ما بعد صلاة العيد و فاتتني صلاة العيد هذه المرة... انتهت ايام عيد الاضحى ايضا... كنت حريصا في ايام العيد الماضية ان اراقب تصرفات الناس بدقة و اسمع تعبيرات نفوسهم و انفعالاتهم...
وجدتهم يقولون بصوت واحد (ليس للعيد بهجة) وجتهم يجمعون على هذه الجملة...
طيب لماذا (ليس للعيد بهجة)...؟
لماذا هذا التشاؤم...؟ و العيد وجد ليعطي الناس دفعات من التفاؤل و ليشحن نفوسهم بالامل و الفرح و الحب... يعني (ليش هيك بصير معنا...؟) وجدت نفسي حزينة في ليلة العيد... لماذا...؟ في الليلة التي لم انمها و في الليلة التي نمتها... لماذا...؟
العيد...
ما هو العيد...؟ ما معنى العيد...؟
كنت اتساءل في ليلة العيد و اقول ماذا سافعل غدا كي اشعر ان العيد له معنى... و انه مختلف عن ايامنا العادية...؟ لا بد لنا من اشياء نفعلها تجعل للعيد معنى... ربما هذه التساؤلات التي تركتني سهرانا اول مرة ابحث لها عن اجابات و لكني نمت دون ان اجد اجابة...
الاطفال الصغار ماذا يعني لهم العيد و الاطفال الكبار مثلى انا ماذا يعني لهم العيد...؟ هل هو ان يرتدي الاطفال ملابسا جديدة و يلعبون بالعابهم...؟ ام هو ان نشوي لحما في صباحه و نعيش اجواء الشواء...؟ ام هو ان يصل الناس ارحامهم و ان يدفعوا للنساء (عيديات) كما يسمونها مستثقلين منها... و كان صلة الرحم صارت عبئا ثقيلا مكلفا...؟ ماذا يعني العيد للنساء المتزوجات اللواتي ينتظرن زيارة اهلهن هل زيارة الاهل لانثى متزوجة عيد...؟
ربما العمل الوحيد الذي شعرت ان له معنا هو اني قبلت يد امي و يد ابي و هنأتهم بالعيد... ربما هو تصرف يحمل معه جمالا وصدقا... العيد عندنا لا يعني الا اجازة نرتاح فيها من اعمالنا لمدة اسبوع و نزداد فيها نوما...
لماذا اتكلم هذا الكلام...؟ هل لازيد الناس تشاؤما و ازيد واقعنا شحوبا...؟ لماذا لا اتكلم كلاما مبشرا و مفرحا واعطي الناس املا وشيئا من التفاؤل و اخدرهم بتفاؤل كاذب...؟ لماذا لا افعل ذلك...؟ ربما انا اختار دائما ان اصارح نفسي بالحقائق المحزنة علنا نتنبه لمرضنا واذا تنبهتا علنا نبحث لنا عن علاج...
هل اظن اني في العيد ساحصل على السعادة...؟ و اريد ان اصل الى قمة السعادة... فنحن نربط مناسبة العيد بمفهوم السعادة... لماذا اضخم الموضوع كثيرا...؟ لماذا لا اقول ان للعيد نشاطات و افعال و عادات يقوم الناس بها و واجبات يؤدونها كاي واجبات...؟
هل يفقد العيد معناه و قيمته عند اناس اذلاء...؟ نحن اذلاء حقا حتى لو كابرنا و تغنينا بشعارات ضخمة يبقى الذل مغلفا لحياتنا و عنوانا لها... ذل يجعل لاصغر جندي يهودي قيمة تفوق اكبر زعيم عندنا... ترى المراهق اليهودي ببذلته العسكرية مصوبا بندقيته نحو رؤسنا على الحاجز العسكري ليقول لنا انتم تمرون من امامي صباح مساء بارادتي و لو شئت عطلت حياتكم لاتسلى...
طيب بقية العرب و المسلمين ليس لديهم مراهقا يهوديا مع ذلك اعيادهم شاحبة ايضا... نفوسهم مهزومة ايضا يا صيقي... و كلهم يتبعون ذيل المنتصر... و هل لمن يتبع الذيل عيد...؟ العيد عيد النفس و الفرحة فرحة النفس... الفرحة لا تصنعها اشياء مادية و لا تصنعها العاب نتسلى بها و لا مدينة ملاهي نزورها و لا رحلات استجمام نقوم بها... هل للمهزوم عيد...؟ و هل للجبان عيد...؟
المهزوم ايامه تفقد قيمتها... العيد فيه معاني النصر و العيد للمنتصر و ليس للمهزوم... العزة تعطينا فرحة لكن من اين ياتي المهزوم بعزة... هل يصطنعها...؟ القوي و العزيز و الغني و الممتطور و المتقدم هو الذي يفرح...
العيد موعد و تاريخ يمر بنا كل سنة مرتين... مناسبة العيد تمر بنا لكن معانيه غائبة عنا من سنين طويلة... نحن تماما كطالب توجيهي راسب خارج الى الشارع و صار يقول للناس اني (فرحان فرحان فرحان) فقال له الناس عجبا لامرك ولماذا تفرح...؟ قال لهم: الا تعلمون ان اليوم هو اعلان النتائج... كيف لطالب التوجيهي ان يفرح يوم اعلان النتائج و قد جاءه كتابه من وراء ظهره... كيف للراسب ان يفرح يوم اعلان النجاح...؟
العيد مناسبة تمر بنا كل سنة دون ان نهيء انفسنا للفرح... اننا لم نجهز انفسنا لها... للفرحة شروط و شروط الفرحة هي شروط النصر ان حققناها فرحنا و ان لم نحققها لم نفرح...
منقول