همس الحنين
بنت الجنوب
عملية جراحية ناجحة لإزالة ورم سرطاني
الخبر، تحقيق ـ عبير البراهيم
أكد عدد من المختصين على أن معدلات السرطان في تزايد مستمر في المملكة، مشيرين إلى أنها تنتشر بشكل كبير في الفئات العمرية من سن الأربعين فما فوق، في حين تقل معدلاتها لدى الفئات العمرية الأقل.
وعلى الرغم من محاولة البحث عن الطرق الجديدة للعلاج، إلاّ أن مرض سرطان الثدي يجد الاهتمام الأكبر من قبل الجمعيات الخيرية المختصة، لأنه النوع الوحيد الذي وصلت نسبة الشفاء فيه بإذن الله إلى (90%)، وعلى الرغم من أهمية الكشف المبكر والذي أصبح مهتماً به على وجه الخصوص في المنطقة الشرقية، من خلال جمعية أمراض السرطان، ووصولاً إلى برنامج «عبد اللطيف جميل»، إلا أن الكشف المبكر مازال في أروقة الاجتهادات الفردية والخيرية، والتي لم تتبناها وزارة الصحة بشكل حقيقي، حيث تكتفي الوزارة بدور العلاج بعد التشخيص، مما دفع بعض الأطباء بضرورة تعميم الكشف المبكر من قبل وزارة الصحة على مناطق المملكة، للاستفادة من العلاج قبل تفشي المرض، في حين وجد البعض أن التحمس لهذا المشروع الوطني الكبير يحتاج إلى دعم اقتصادي ضخم، قد لا يكون من المجدي الدخول فيه، خاصةً أن المملكة تواجه الكثير من الأمراض التي تصنف بأنها أكثر خطورة وشيوعاً من أمراض السرطان.
نسبة التحضر
يقول "د. مشبب العسيري" استشاري الأورام والعلاج بالأشعة ورئيس إدارة مركز عبد اللطيف جميل للكشف المبكر التابع للجمعية السعودية للسرطان بالرياض أنه تزيد الإصابة بأمراض السرطان في المنطقة الشرقية لأسباب كثيرة عن غيرها من مناطق المملكة، وعائد ذلك إلى نسبة التحضر الكبيرة، وارتفاع نسبة التعليم والمتعلمين بها، حيث إن التطور في أي منطقة يساعد على ازدياد هذا المرض، مضيفاً أنه ثبت أن السرطان أكثر انتشاراً في المناطق المتحضرة، وهو ما يلاحظ بانتشار السرطان في الدول الغربية أكثر بكثير من أوربا الشرقية، وكذلك الحال بالنسبة لأمريكا الشمالية التي ينتشر فيها السرطان أكثر بكثير من أمريكيا الجنوبية، فالحضارة تؤثر كثيراً في طريقة الغذاء وممارسة العادات الرياضية وانتشار المواد المسرطنة، موضحاً أنه لا توجد زيادة كبيرة في الحالات عن السنوات الماضية في المملكة، إلا أن الزيادة تأتي من ازدياد عدد السكان، وبالتالي يفترض زيادة حالات السرطان من خلالها، فغالبية سكان المملكة هم من تحت الثلاثين، وجزء كبير منهم من فئة العشرين، فبالتالي انتشار سرطان الثدي أقل من انتشاره بين الكبار، لافتاً إلى أنه في المستقبل من المتوقع أن ينتقل الهرم السكاني إلى السن الذي يمكن أن ينتشر فيه سرطان الثدي، لذلك لابد أن نكون جاهزين دائماً، فقد يتزايد سرطان الثدي.
د. العسيري: النسبة ترتفع في المناطق المتحضرة
تفشي السمنة
وأوضح "د.العسيري" أن كون المملكة متجهة في طور التحضر فإنها معرضة للازدياد بالإصابة، وليس هناك أسباب سوى ما هو معروف من إشكالية الغذاء وتفشي السمنة وغيرها من الأمور المتعلقة بالتحضر، أما عن تعميم برامج الكشف المبكر على مناطق المملكة فيؤكد "د.العسيري" أن هذا البرنامج يرتبط بتوفر جهاز "ال" وهو مكلف مالياً وتنفيذه يحتاج إلى جهود كبيرة، وأي سبيل لاستخدام المسح الشامل للمواطنين في هذا المرض لا يعتبر مجديا من الناحية الاقتصادية، وربما ذلك ما يدفع وزارة الصحة لعدم التحمس للفكرة، لأنه مازالت المشكلة غير كبيرة في المملكة، وبالتالي أي مصروفات فيها ستؤثر على مصاريف أخرى تصرف في جهود طبية أخرى، مبيناً أن السرطان يعد من الأمراض المزعجة من الناحية الصحية والأسرية، بل ويؤثر على البيت والعمل، ولكن صاحب القرار لديه معلومات أكثر ومعطيات أكثر تدفعه إلى عدم التحمس كثيراً لبدء برنامج وطني، لافتاً إلى أن هناك توجها لبدء برنامج وطني، لكنه ليس الآن فقد يحصل بعد الحصول على المعلومات المتوفرة في المراكز الخيرية التي عملت في الرياض وجدة، فالبرنامج الذي انطلق في الرياض من عبداللطيف جميل والذي بدأ منذ أكثر من ثلاث سنوات، نجح في الكشف عن أعداد كثيرة مصابة بسرطان الثدي، حيث وصل عدد الحالات المكتشفة إلى 108حالات، وهو أكبر رقم موجود في المملكة، إلا أن هذه الحالات لا ينطبق عليها الكشف المبكر بقوانينه العالمية، والتي من أهمها أن لا يوجد لدى المرأة أي أعراض في الثدي، ولكن الكثير من النساء اللواتي تم الكشف عليهن في المركز لديهن أعراض في الثدي، وهؤلاء لا ينطبق عليهن الكشف المبكر، إلا أن السبب في انتشاره ليس معروفا وربما لزواج الأقارب تأثيراً في انتشاره.
د. فهد الخضيري
أفراد الأسرة المقربين
وشدد "د.العسيري" على ضرورة أن يتم التركيز على النساء اللاتي لديهن نسبة الإصابة عالية، فعلى سبيل المثال أقارب المرأة المصابة بسرطان الثدي بشكل مبكر ما بين سن الثلاثين إلى الأربعين، فإنه من الاحتمال إصابة السرطان في أفراد الأسرة المقربين، مثل الأخوات وبنات الخالات، كذلك من الجيد الكشف عن السرطان لدى من لديهن سمنة مفرطة أو لمن لديها مشاكل في الهرمونات، وهؤلاء من المجدي إخضاعهن للكشف المبكر، أما تعميم فكرة الكشف المبكر والقيام بالمسح الشامل، فإن ذلك سيكون مكلفا جداً ويحتاج إلى دراسة عميقة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية قبل التحمس له.
د. الخضيري: «السيلينيوم» مكافح نشط للسرطان
الشرقية ليست الأعلى!
ويقول "د. فهد الخضيري" رئيس قسم المسرطنات في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض: إن المنطقة الشرقية ليست الأعلى بالشكل الذي تظهره الإحصائيات، لأن العدد في عام 2005 حسب إحصائيات السجل الوطني (1314) حالة جديدة، بينما منطقة الرياض (1918) حالة جديدة، ومنطقة مكة المكرمة (1826) حالة جديدة، ولكن بالمقارنة بعدد السكان وعدد الحالات لكل مائة ألف، فإن المنطقة الشرقية تسجل الأعلى فقط من حيث عدد النساء المصابات، حيث يبلغ الرقم (104) نساء لكل مائة ألف، و(91) رجلا لكل مائة ألف، وهو الأعلى من حيث النساء على الرياض، حيث بلغ في العاصمة (90) امرأة لكل مائة ألف، بينما من ناحية عدد الرجال؛ الرياض (92) رجلا لكل مائة ألف، لذا فإن النسبة مقاربة لمنطقة الرياض، ولكنها بعيدة عن المناطق الأخرى، مضيفاً أن السرطان هو الأقل في القصيم وحائل وجازان والباحة مقارنة بعدد الإصابات لكل مائة ألف، ولكن الملاحظ أن سرطان الرئة يرتفع ليكون السرطان الأول في المنطقة الشرقية بنسبة (10.5%) من الإصابات بين الرجال، و(3.3%) بين النساء رابع سرطان، متسائلاً: هل للتلوث البيئي الناتج عن الصناعات البترولية والبتروكيميائية وحرق الغاز دور في ذلك؟، أم أن للتدخين دورا أكبر كما جاء في بعض الدراسات؟، حيث ثبت أن معدل المدخنين يرتفع بالمنطقة الشرقية ومنطقة مكة المكرمة أكثر منه في المناطق الأخرى، لذا يمثل سرطان الرئة في منطقة مكة (7%) من الحالات بين الرجال.
د. مشبب العسيري
التدخين سبب رئيس
وكشف "د. فهد الخضيري" عن دراسة في جامعة الملك عبد العزيز، أوضحت أن التدخين سبب رئيسي لهذه النسبة، وأنا شخصياً كباحث في المسرطنات أميل إلى أن التدخين بين الرجال في المنطقة الشرقية سبب رئيس لارتفاع نسبة سرطان الرئة، حيث إن دراسات جمعية مكافحة السرطان دلت على أن التدخين أكثر في المنطقة الشرقية منه في المناطق الأخرى، وقريب إلى نفس النسبة في منطقة مكة المكرمة، وهناك من الزملاء الباحثين من يعزوه إلى التلوّث البيئي والحركة الصناعية وكثرة السيارات وعوادم السيارات، وكذلك أبخرة المصانع البترولية والبتروكيميائية، بالإضافة إلى رطوبة الجو، حيث إن الرطوبة تحجز الكثير من التلوّث الجوي وتبقيه في الطبقات السفلى من الهواء مما يجعله متاحاً للتنفس، وقد يكون هناك عوامل وراثية، أو عوامل الاستعداد الوراثي، مضيفاً أنه يجب على الإنسان التوكل على الله والابتعاد عن المسرطنات وعلى رأسها التدخين، وكذلك المواد الملوثة للجو من عوادم سيارات وأبخرة مصانع، وكذلك المواد الغذائية الملوّثة بالمنتجات الصناعية كالنكهات الصناعية والألوان الصناعية والمواد الحافظة، أو المواد الغذائية المليئة بالمنتجات المسرطنة مثل "الأكريليمايد" في رقائق البطاطا، وكذلك "الهيدروكربونات المسرطنة" الموجودة في التبغ، إلى جانب الأطعمة المشوية الأسطح السوداء على المشويات وطرق الطهي الخاطئة، ناصحاً بالإكثار من تناول الخضار والفواكه والألياف والنخالة وفيتامين (ج) والثوم، لأنها تحوي "السيلينيوم" المكافح للسرطان، والطماطم الذي يحوي "الليكوباين"، وكذلك ممارسة الرياضة والابتعاد عن الخمور والمخدرات لأنها سبب في ارتفاع نسبة السرطان.
د. فاطمة: النساء أكثر عرضة من الرجال..
علاج الأورام
وتؤكد "د. فاطمة الملحم" أستاذة ورئيسة قسم الأشعة بمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر ورئيسة حملة الشرقية لمكافحة السرطان، أن الجمعية السعودية للسرطان بالشرقية هي أول من بدأ حملة الكشف المبكر على النساء المصابات بسرطان الثدي، وأن الوزارة لا تقوم بالكشف المبكر، وإنما تتحمل علاج السرطان بعد تشخيصه المبكر من قبل الجمعية، مضيفةً أن الجمعية تحملت شراء أول سيارة متنقلة للكشف عن السرطان، حتى جاءت شركة عبد اللطيف جميل بالرياض للمبادرة بشراء هذا الجهاز الذي يكشف عن السرطان بشكل مبكر، مبينةً وجود أعداد كبيرة من مرضى السرطان، خاصة سرطان الثدي في المنطقة الشرقية، وربما عائد ذلك إلى كون الشرقية منطقة صناعية مما يسهم في ازدياد النسبة، حيث أثبتت الإحصائيات الأخيرة أن الأعداد تزداد سنوياً خاصة في المنطقة الشرقية، ففي عام 2006 وصل عدد الإصابات على مستوى المملكة 1000 إصابة (20%) منهم من المنطقة الشرقية، مشيرة إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بأمراض السرطان، ويتم التركيز على سرطان الثدي، لأنه الأكثر شيوعاً بين السرطانات الأخرى، كما أنه بالإمكان الشفاء منه بعد عناية الله فنسبة الشفاء أصبحت تصل إلى (90 %)، ذاكرةً أن الجمعية السعودية لمكافحة السرطان تأخذ على عاتقها اكتشاف المرض في مراحله الأولى، ومع وجود العلاج الجيد يتم الشفاء بإذن الله، مشددةً على ضرورة أن تبادر وزارة الصحة في توفير علاج الأورام، حيث إن تبنيها للكشف المبكر سيكون مؤثراً جداً في حالة تعميمه على المناطق، خاصة وأن التكلفة بتوفير هذا الجهاز تحتاج إلى جهود جبارة ليس من السهل على الجمعيات أن تقوم بها بمفردها، فحتى على مستوى إدارة هذا الجهاز، فإنه يحتاج إلى مهارة عالية وأطباء متدربين بشكل كبير وفنيين بمهارة عالية.
د. فاطمة الملحم