سيدة البحر
عضو نشيط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم ود ونقاء ومساءكم راحة تملئ أفئدتكم
قصة قرأتها من موقع صيد الفوائد منقولة عن بريد ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان أحببت نقلها أملاَ أن تجد مرسى بين حنايا القلب
//
يقول صاحب القصة:
أنا شاب في مقتبل العمر.. عمري ما يقرب من الواحد والعشرين عاماً وقصتي قصة غريبة عجيبة...
كان الناس يتحدث عني بأسلوب المدح والإطراء، فيقولون عني أني عبقري، ومبدع، وذكي، وألمعي، وغيرها من ألفاظ المديح والثناء...
بدأت حياتي في بلدٍ مسلم لكني لا أعرف من الإسلام إلا اسمه مما يفرضه علي عيشي في هذا البلد الإسلامي، فكنت مسلماً بلا إسلام، مسلم كما يقولون بالهوية فقط.
وقد كان لي أختي ملتزمة بدينها، وكانت كثيرًا ما تنصحني وتذكرني، لكن حالي حال الهاربين، فما أن تنصحني حتى أولي هاربًا منها، كأن في أذني صمم، وكانت كلماتها لا تنال مني إلا السخرية والاستهزاء.
ومرت الأيام والليالي... ولا زلت على ما أنا عليه من البعد والجحود، ومن الإعراض والصدود، وقد كنت مدمناً لجميع الشهوات ولا تتخيل ذنباً إلا وقد فعلته... ولا جريمة إلا اقترفتها... بحق قد كنت ظالماً لنفس... جاهلاً بحق ربي... هذا أقل تعبيرٍ أعبر به عن نفسي.
كنت مدمنًا لغرف الدردشة، وكانت تحتل اهتمامًا كبيرًا من شهواتي، خاصة أنَّي كنت أتحدث عن كل قبيحة ورذيلة، وكنت أجد معها متعة غريبة... لا أدرى لماذا؟ ولكني علمت بعد ذلك أن تلك المتعة هي متعة زينها في عينيي وقلبي شيطان مريد.
ولا زلت على ما أنا عليه حتى حانت ساعة هي ساعة حاسمة في حياتي، كانت هذه الساعة ساعة ولادتي... نعم ولادتي الحقيقية... التي أكون بها حقاً إنساناً يعرف لماذا هو موجود في هذا الكون، ومالحكمة من خلقه.
هذه الساعة هي ساعة تَعَرُّفِي على الحقيقة، وساعة العودة والرجوع إلى الحق... بحق كان ميلاداً جديداً... لكن هذا الميلاد كان ميلاداً غريب، فقد كان سببه هو نفس السبب الذي به أهلكت نفسي، ودفنت ذاتي في مستنقعه... نعم مستنقع الرذيلة والقذارة، إنه مستنقع "الدردشة" الساقطة، و"الماسنجر" الحقير، فكان معصيتي هي السبب والطريق لتوبتي، فالمكان الذي قتلني كان هو ميلادي.
قصة ميلادي كالتالي: في ذات يومٍ تعرفت على فتاه من أمريكا، كانت في عمر العشرين، تعرفت عليها زمناً، وأخذت في الحديث معها، وعلمت أنها زوجة، وأم لطفل.
وعندما كنا في غمرة الحديث قالت لي: ما اسمك؟
قلت لها: اسمي: محمد؛ ما كدت أن أقول تلك الكلمة إلا وإذا هي تصرخ من الفرح، وتقول لي إذن أنت مسلم؟!
قلت في استغراب: نعم!
قالت: حقاً أنت مسلم؟! لا أصدق!
قلت: لماذا؟!
قالت لي بلهفة وأنا أشعر بأن الدموع قد خنقتها: أرجوك... أرجوك لا تتركني كما تركوني، أرجوك أنا احتاجك، أنا... أنا... .
عندها أخذت أهدؤها وأقول لها: لن أتركك، لكن ماذا تريدين؟!
قالت: لدي آلاف الأسئلة التي أود أن أسألها أرجوك... أرجوك لا تتركني، أريد أن أعرف عن الإسلام الكثير، وأخذت تبكي وتبكي حتى قطعت قلبي.
وعندها قلت في نفسي: يالها من تعيسة حظ، ما وجدت في الدنيا هذه إلا أنا، وتريد أن تتعرف على الإسلام ممن هو أبعد الناس عنه؟!
لكن عندما رأيت بكاءها وحرصها أخذتني الشفقة عليها، وقلت في نفسي: سوف أساعدها.
وعندها شعرت بشعور داخلي، ووقف عندها شعري، وكانت هذه أول مرة في حياتي أحس فيها بأمر ديني، أول مرة أفكر فيها في إسلامي...
شعرت بإحساس غريب... أغلقت كل من كنت أتحدث معه من الفتيات...
كان أمراً غريباً، لأول مرة في حياتي أترك شهوتي لأجل شيء ما بداخلي... حتى الآن لا أعلم هذا الشيء...
والعجيب أني كنت لا أعرف من الإسلام إلا اسمه، لكن قلت: لعلها تسألني وأجيب مع علمي بجهلي التام بأمور الدين، وبالفعل قالت لي: ما الإسلام؟
قلت له: لحظة من فضلك، وذهبت مسرعاً أتصفح مواقع إسلامية، وأبحث عن إجابة لسؤالها، وظللت أبحث عن كل سؤال تسأله حتى أني نجحت في الإجابة على معظم الأسئلة والحمد لله.
ولا أكتمك سراً أن هذه السعادة واللذة لم أجدها عندما كنت أتحدث فيها مع الفتيات الساقطات.
قالت لي مرة: من هي عائشة؟
قلت لها عائشة؟! كنت لا أعلم من هي - رضي الله عنها - وهذا جهلي بديني والله المستعان، وظللت أبحث عنها في المواقع الإسلامية، وبينما أنا أبحث أشعر بحماس ورغبة غريبة في مساعدتها ..
قلت لها مرة: أختي انتظريني أياماً سأرسل لكي كتباً عن الإسلام.
لا تتصور ماذا كان حالها، كانت في سعادة غامرة، وفرح عظيم، بل كانت ستطير من شدة الفرح.
لأول مرة أشعر بالطهارة عندما ناديتها بـ(أختي) ولقد ذرفت عيناي، ووقف شعري، واهتز كياني، وما نمت ليلتي أفكر في هذه الحياة وفي هذه الغفلة، يا الله كيف كان حالي؟!، وكيف كانت حياتي؟!، ما هذه الغفلة؟! لقد كنت في بؤس شديد، وضيق عظيم.
كلمت أختي الملتزمة، وأخذت أسألها عن بعض الأسئلة التي كانت تسألني عنها مثل: هل الحجاب فريضة؟ وكيفية التعامل مع الرجال، وغير ذلك ..
ذهبت للمكتبة لشراء الكتب التي وعدتها بها، وقبل الذهاب فوجئت أني لا أملك من الأموال إلا اليسير، قلت: ماذا أفعل؟
وعنده شعرت بأن الموت يسابقني لها ويجب أن أكون أسرع منه لها قبل أن تموت على الكفر وتدخل النار، وعندما كنت أفكر في ما أشعر به، ووقفت مع نفسي وسألتها وقلت لها: ما هذا التفكير؟ وما هذا الشعور؟ وتعجبت من نفسي أين كنتي وأين صرتي؟!
الحمد لله رب العالمين، لأول مرة أحدث نفسي بهذه اللهجة، ولأول مرة أحس ان لي قيمة في هذه الدنيا.
وعندها كنت أفكر في المال لشراء الكتب، فتذكر صديقاً وكان من أصدقاء السوء وكان غنياً جدًا، فاقترضت منه مبلغًا من المال، وكنت أنوي أن لا أرده عليه لأنه كان صاحب سوء، فقلت أخذ هذا المال وأضعه في خير، ولكن بعد أن من الله علي بالهداية علمت أنه حق له ولو كان رأساً في الشر، وخوفي من الدين فرددته عليه.
المهم اشتريت لها كتابان قرأتهما قبلها، وكنت طليقاً في الإنجليزية، شعرت بأن هذا الدين عظيم، وأنني كنت في سكرة وبعد عظيم عن هذا الدين القويم.
وأيضاً: اشتريت لها زياً إسلامياً جميلاً مثل الزي الذي ترتديه أختي، وذلك لعلمي صعوبة الحصول على هذه الأزياء الإسلامية هناك، واشتريت لها مصحفاً بصوت الشيخين سعد الغامدي وأحمد العجمي، وأرسلت كل هذا بالبريد السريع الدولي ليصل في أقصر وقت ممكن، وبالفعل وصلت إليها، وقرأت الكتابان.
قالت لي: هذا ما كنت أريد، ماذا أفعل لكي أدخل في الإسلام؟
حينها لا تتصور ما حدث لي بكيت كثيراً كثيراً... وذرفت دموعي.
فقالت لي: لما تبكى؟ فقد كانت تسمعني وكنت أتحدث معها..
قلت لها: لأن ميلادي مع ميلادك.. ما فهمت معناها.. ولكني أخبرتها أن تردد الشهادتين وتذهب لتغتسل..
كنت قد سألت عن هذا لهذه اللحظة .. لا تتصور وهى تردد بعدي:" اشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله "، وكأني ارددها معها لأول مرة ... فلا أتذكر أنى قد قلتها قبل ذلك..
وقالت لي: ما معناها؟
فأخبرتها أنه لا يوجد إله غير الله في الكون، وأن محمداً رسول الله أرسله الله لدعوة الناس إلى الإسلام، وأخذت أستطرد في شرحها.
ولا تستغرب إذا قلت لك أنى كنت لا أدرى ما هذه الكلمات.. وأين كانت هذا المعاني غائبة عنى؟ أيقنت أن هذه الكلمة لها معاني عظيمة ..
ثم قالت لي: يا محمد.
قلت: نعم.
قالت: قل: لا اله إلا الله، وضحكت.
فقلتها وأنا أبكي من سعادتي، أبكي بكاءً مريراً ...
وقالت: محمد الآن وجدت حياتي... لقد كنت محطمة، وقلبي كسير، حاولت الانتحار خمس مرات، وكان زوجي ينقذني... ولكني الآن أشعر بسعادة غامرة، وأشعر أنى وجدت نفسي ووجدت سعادتي...
قلت لها: إذن أنتي ولدتي هذه الليلة؟
قالت: حقا نعم...
قلت لها: وأنا كذلك، وحكيت لها قصتي، وكيف كنت مسلمًا بالاسم فقط.. والآن أشعر بأني ولدت من جديد...
قالت: الآن فهمت ميلادي مع ميلادك، ثم قالت إذن: ردد وقل: لا اله إلا الله يا أخي.
قلت لها: نعم، " لا اله إلا الله رب العالمين "، " لا اله إلا الله رب العالمين "، " لا اله إلا الله رب العالمين "، وعندها شعرت بأني أسلمت من جديد، اتفقنا أن نتقابل بعد ثلاثين دقيقة، وقمت واغتسلت.
وبعدها سمعت المؤذن لصلاة الفجر... فقمت وتوضأت كنت لازلت اذكر الوضوء من المدرسة، توضأت وذهبت للمسجد بعد طول غياب
دخلت المسجد أنظر إلى جدرانه، وأتأمل أركانه، ما هذا المكان المطمئن؟، وما هذه الروحانية العجيبة، هل هذا المكان موجود في بلادي، أين أنا وانا أمر عليه مرات ومرات، وكرات وكرات، ولكن علمت بعد ذلك أنه: { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } [النور:40].
أقيمت الصلاة وأنا في دهشتي، ودخلت مع الإمام... وذرفت عيناي بالدموع شعرت بلذة غريبة كانت ألذ بكثير من هذه اللذة التي كنت أذوقها مع الشهوات...
لذة الإيمان حقا أن له لذة غريبة، وتمنيت لو طالت الصلاة حتى لا أخرج من اللذة التي كنت محروماً منه زمناً طويلاً.
وبعد الصلاة خرجت وذهبت إلى البيت، وعدت لأحدث الأخت الأمريكية، وقالت لي: أتدري من هي عائشة؟ وأخذت تخبرني عن عائشة - رضي الله عنها -، وعن مواقف النبي صلى الله عليه وسلم معها، وأنا استمع لها وهي تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن زوجته عائشة - رضي الله عنها -، وكنت أقول: سبحان الله! أصبحت أتعلم ممن كنت سبباً في إسلامها، وهي عمرها في الإسلام لحظات، شيء غريب جعلني أذرف دموعي.
عندها قالت لي: يا محمد اسمي الآن " عائشة "، ثم ذهبت.
وبعد يومين فوجئت بحدث غريب، فوجئت بإسلام زوجها، واتفقا على تسمية ولهما بأحمد...
يا الله، ما تتخيل هذه اللحظة عليَّ لم أتمالك نفسي، وضعت يديَّ على وجهي وبكيت بكاء شديداً..، وأنا أبكي أقول: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله رب العالمين...
وأحدث نفسي وأقول: أصحيح ما أسمع! آه... لا استطيع أن أصدق، أنا سببًا في إسلام ثلاثة أنفس يأتون يوم القيامة في ميزان حسناتي... وأنا ليس لي من الإسلام شيء...
قلت لها: الحمد لله، وباركت لهم هدايتهم لهذا الدين العظيم، وأوصيتهم بالدعاء أن يثبتهم الله على الدين.
ومنذ ذلك الحين ظللت أتعلم عن الإسلام الكثير ووجدت في مكتبة أختي التي تزوجت قبل إسلامها وإسلامي بأسبوع .. وظللت اقرأ وأقرأ وأتعلم ووجدت حالي ينصلح شعرت بلذة الصلاة ولذة العبادة وتركت كل شهواتي وكل أصدقائي الفاسقين في بلدي وفي العالم كله وكل حين أردد " اشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله " وأبكي، وأبكي .. وفرحت بذلك أمي.. وقالت: حقاً كل شيء وله أوان، قلت لها: صدقت يا أمي ..
وتحولت من الباحث عن فاسقة أو زانية لأتحدث معها أو أقابلها .. إلى الباحث عن كل من يريد الإسلام ويريد أن يعرف عنه شيء ..
تخيل فوجئت بالكثير الكثير يريد المعرفة عن الإسلام... فقلت سبحان الله أين أنا وكل شاب فتح الله عليه في هذه التقنية أن يصرفها في الدعوة إلى الإسلام.
وكنت عند دعوتي كلما عرفت أحداً أرسلت له نفس الكتابان، ونسخة من القرآن الكريم...
حتى أسلم على يدي ثلاثة أخر اثنان من أمريكا وفتى من بريطانيا والحمد لله رب العالمين،
وكانت أم أحمد تساعدني في الحديث معهم... حتى أنها أقنعت أختها بالإسلام فأسلمت والحمد لله رب العالمين...
وأنا الآن أعتبر نفسي داعية للإسلام عن طريق الدردشة والماسنجر وغيرهما والحمد لله رب العالمين الذي هداني لهذا الدين.
وأخيراً: لا استطيع أن أخبرك عن مدى سعادتي بالإسلام، أنا أسلمت مع هؤلاء حقًا، لقد أسلمت معهم... وعلمت أن الدعوة فرض عين في ظل هذا الانفتاح وكون العالم كله أصبح قرية واحدة...
وهنا أقول يجب على المسلمين العمل لدينهم الذي طالما ظلموه...
أبشرك لقد تحولت دفة حياتي تماماً، لقد أصبح كل همي الدعوة إلى الله، والعمل له، وأرجوا من الله رب العالمين أن يرحمني وأن يثبتني على هذا الحق حتى ألقاه.
أتعلم يا أخي: والله إن الدعوة إلى الله رزق يسوقه الله إلى العبد... وأني أشعر أني مرزوق في الدعوة رزقا غريبًا، أشعر أن رزقي واسع في هذا الأمر... اللهم وسع أرزاقنا ..
وختاماً: ارجوا أن تحكي قصتي هذه لمن يسمعونك عسى الله أن يعم النفع والفائدة... واعتذر للإطالة بالرغم أن هذا لا يحمل معشار ما تحمل خواطري من مشاعر... ولكن إنها الكلمات تعجز عن وصف ما أنا فيه من السعادة .. وجزآكم الله خير.
أسأل الله أن يعلق قلوبنا به، وأن لا يَكِلَنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك إن ربي سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
لكم خالص مودتي