سيدة البحر
عضو نشيط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح / مساء النور والسرور
مقال وصلني عن طريق الإيميل .. اعجبني كثيرا لأني وجدته يلامس واقعنا وبشدة .. طبعا احببت أن طرح الموضوع حتى وإن لم يرق للبعض .. لكن من باب التذكير بالخير لي ولكم
:
:
يقال أن أعلى ( أقدام ) اللاعبين أجوراً في كأس العالم الحالي ، ميسي بـ 80 مليون يورو ، رونالدو بـ 75 مليون يورو ، هيرنانديز بـ 65 مليون يورو ، أندريس إنييستا بـ60 مليون يورو ! وهكذا نشهد رمي الأموال والأوسمة والألقاب والتقديرات عند أقدام أولئك اللاعبين !
فاللاعب يحمل على الأعناق ، ويقدر كل تقدير ، ويقدم في المحافل الرسمية ، وتتلهف الصحف إلى أخباره والقنوات إلى تصريحاته ، ( ما دامت قدماه تعمل ) ، بينما نرى الكثير من العلماء والمفكرين والمبدعين ، لا يعبأ بهم ، ولا يُتذكرون إلا بعيد وفاتهم ، ولذا حق للعقول أن تفكر في الهجرة إلى الأقدام !
أعتقد لو أن عنترة عاش في زماننا ، ورأى ما يعطى لـ(رافسي ) وراكلي الكرات من أوسمة ونياشين ومجد وبطولات ، لفضل الهجوم في الملاعب على الهجوم في المعارك ، ومقارعة الأهداف على مقارعة السيوف ، ولو عاش حاتم الطائي ، لفضل أن يكون ضمن تشكيلة ( الطائيين ) على أن يكون كريماً ، ولو عاش المتنبي ، لفضل ضرب الكرات على كتابة الأبيات ، ولا أستبعد أن يعشق مجنون ليلى ، الكرة أكثر من ليلى !
تحولت كرة القدم بمصلحاتها إلى أشبه ما يكون بحرب ، فهجوم ودفاع ، خط وسط وميمنة وميسرة ، هدف وتسلل وضربة جزاء ، طرد وفصل ، تشجيع وتعصب ، فوز وبطولة ، كلها مصطلحات لا تذكر إلا بالملاعب الدموية !
تعيش البشرية الآن ، كأس العالم 2010 ، وسيُشغل العالم في تلك القضية العظمى والمعضلة الكبرى ، سينشغل الجرحى عن جرحاهم بمتابعة ركلات رونالدو ، والفاقدون عن مفقوديهم بأهداف الأرجنتين ، والمصابون عن إصاباتهم بمبارة الكأس ، وسيقف العالم مشدوهاً ومترقباً للأرجل التي تركل ، والأيادي التي تصفق !
وكعادتنا ، سنضيع عشرات وعشرات الساعات ، لنتابع المباريات ، وسنتعب أيدينا بالتصفيق وحناجرنا بالصياح ، وسندفع أموالاً لنتابع هذه المباريات ، ولا أدري ما الذي
سيضيرنا إن فازت البرازيل و الأرجنتين ، أو فازت بروكينا فاسو وجزر القمر !
الكل يكسب في هذه المونديالات ، الفيفا واللاعبون والمحكمون والقنوات الفضائية وشركات الإعلان ، والشركات التجارية وخطوط الطيران ، وحتى مقاهي الانترنت والأندية الرياضية ، والخاسر الوحيد هو نحن ، نخسر أوقاتنا التي تضيع هباءاً ، وأموالنا التي تصرف مقابل المتابعة !
وليت المتابعة تقتصر على شوطي المبارة ، لا بل لا بد من مشاهدة الإعادة وإعادة اللقطات الحاسمة ، والتحليل الرياضي وتحليل التحليل ، وتصريحات الفيفا واللاعبين ، ومتابعة الصحف الرياضية في اليوم التالي وقراءة مقالات وتحقيقات حول المباراة ووو ... ولا ننتهي !
أتمنى أن نصل يوماً إلى ثقافة النافع وغير النافع ، أن نهتم بالنافع ونرمي غير النافع والذي لا طائل منه وراء ظهورنا ، لا أدعو إلى تطليق مشاهدة المباريات بالثلاث طلاقاً بائناً ، ولكن محاولة التخفيف والترك أفضل ..
أنا لا أطالب بأعالي الهمم ، ولا أقول استبدلوا وقت المشاهدة بالصلاة أو بقراءة القرآن ، فنفسي أحوج لأن أأمرها بهذا ، لكن أقول إن مشاهدة برنامج مفيد أفضل من مشاهدة أهداف ميسي كلها ، والجلوس مع الأهل والأصدقاء جلسة خير أفضل من مباراة البرازيل والأرجنتين ، وقراءة كتاب نافع ، خير من متابعة المونديال كله !
وما أجمل أن نبدل الدور الذي نلعبه ، فبدل أن نجلس خلف الشاشات ، فلنعش الجو ولنكن نحن اللاعبين ، فعلى الأقل سنجد فائدة ولو قليلة بدل اللاشيء ..
لمن لم يعجبه كلامي أعلاه ، دعك من هذا الهراء ، واجتهد في متابعة 64 مباراة ( هذا إن تنازلت عن متابعة ما بعد المباراة ) ، لكل منها ساعة ونص ، ومبارك لك خسارة 96 ساعة من حياتك !
حين تهاجر العقول من الرؤوس إلى الأقدام ، قد لا ألومها بل أتمنى لها رحلة سعيدة وهجرةً موفقة ، وعلى الدنيا السلام !